طبيب مع وقف المشاعر

الكاتب: أحمد يماني

يسيل موج الأفكار, يقطِّع جدار السكون، ويدور حولي زخم لا يمكن تصوره، ولكن تعجز الكلمات وأنا أراقب واسأل واستفسر داخل ذلك المشفى . لا أتصور نفسي، وكل ذلك الزخم سيصبح كالنزهة، كالتجوال، أيعقل هذا ؟ هكذا يقولون. يقولون: هذا قدرك ! قدري أن أتخلى عن عاطفتي, عن ذاتي, وأستبدلها (بقناع من المشاعر) لمجرد المواساة ؟! أؤمن بأن العاطفة لا يمكن أن تجافي روح البشر، قد يخبو ضوئها، ويهدأ بريقها، لكنها لا تسكن أو تنطفئ.

ثم أسرح في عالم آخر وأنا أراقب أصحاب تلك الأسرة البيضاء، أهي بيضاء حقا ؟ بل ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب. أسأل الله لهم العفو والعافية، والمعافاة الدائمة، فهذه الدعوات مما أوصى به نبينا صلى الله عليه وسلم حيث يقول: « سلوا اللهَ المعافاةَ ، فإنه لم يؤتَ أحدٌ بعد اليقين خيرًا من المعافاة » وهنا معنى لطيف، فما الفرق بين العفو، العافية والمعافاة إن العفو هو التجاوز عن الذنوب ومحوها. والعافية هي أن يعافيك الله تعالى من كل سقم أو بلية. أما المعافاة فهي ان يغنيك الله عن الناس، و يغنيهم عنك. ارتباط رائع بين هذه المعاني، حسيا ومعنوياً ولذلك أدعو بها لأولئك المرضى. يا أهل البلاء: قال صلى الله عليه وسلم: « إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم » صححه الألبانى. تالله إن محبة الله تساوي الدنيا بما فيها.

يا أهل البلاء: سئل صلى الله عليه وسلم، من أشد الناس بلاءًا فقال: « الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُه, وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ » الحديث عند الترمذي وابن ماجة والنسائي وصححه الألباني. فإن كان دين الرجل صلباً وعنده صبر قوي زيد له في البلاء ليزداد أجراً، ويوم القيامة يود أهل العافية عندما يعطى أهل البلاء “الذين صبروا في الدنيا” ثوابهم، عندما يجزون أجرهم، يتمنون « لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بمقاريض » كما في صحيح الجامع.

يا صاحب الهم إن الهم منفرج *** ابشر بخير فإن الفارج الله

اليأس يقطع أحيـانـاً بصـاحبه *** لا تيـأسن فإن الـكـافي الله

و الله مالك غيـر الله من أحـد *** فحسبك الله، في كل لك الله

يا أهل البلاء: ابشروا بمحبة الله، وهنيئا لكم الدرجات العلى باذن الله، فقط اصبروا واحتسبوا ولا تجزعوا و لا تحزنوا فكل سيوفى أجره.

والصبر مثل اسمه مر مذاقته *** لكنْ عواقبه أحلى من العسل

وأجركم أيها الصابرون أعظم من أن يكتب, { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }..

مقالات ذات صلة

‫16 تعليقات

  1. جزاك الله خيرا ،، وثقت كلماتك بأحاديث المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ، فازدادت جمالا على جمالها ،،
    (ولذلك أدعو بها لأولئك المرضى)
    هذه الدعوة ندعوها لأنفسنا وان كنا أصحاء ،، فكلنا بحاجة عفوه سبحانه وان يغنينا عن الناس وان يلبسنا واهلينا ثوب العافية ..
    رائع ماسطرته بمشاعرك ،، استمر بإبداعك ، موفق ^_^

  2. بارك الله فيك يا بو ندى كتابة رائعة من حسن الى أحسن , سنفخر بك حقا ً

  3. ماشاء الله تباارك الله ابدعت والله احسنت مزج المشاعر بالحروف واحسنت تدعيمها بالادلة فكانت قلادة تشع جمالاا وكمالا
    ابهجني ما كتبت واصبحت في غاية الشوق الى ما تكتب من جديد تقبلني احد معجبيك

  4. غمرتني بثنائك الجميل ومدحكـ العريض أخي ثامر ..
    باركـ الله فيكـ

  5. ابدعت , بارك الله فيك ونفع بك وبقلمك الامه الاسلاميه ^^
    راقتلي كلماتك كثيرا : )

  6. أبجدية رائعة صاغت أحرف أقتربت من قلوبنا لصدقهاآ ..
    بارك الله إبداعك .. و جعل قلمك فيما يرضيه ..~

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى