السكري وشهر الصوم

مجلة نبض (التثقيف الصحي– بيان الميمني) :

استعدادا لاستقبال شهر الصوم وحرصاً على صحة من يشكلون نسبة عالية بمجتمعنا “مرضى السكري” تستضيف نبض د. عبدالمعين عيد الاغا أستاذ مشارك بكلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز  واستشاري طب الاطفال والغدد الصماء والسكري ، ليلقي الضوء بهذا المقال على الطرق المثلى لصحة مثلى لمرضى السكري بشهر رمضان المبارك.

تختلف حالة مريض السكري من شخص إلى آخر، لذا يجب استشارة الطبيب المختص قبل الشروع في الصيام خلال شهر رمضان المبارك . قد يتعرض مريض السكري خلال شهر رمضان المبارك لانخفاض سكر الدم أو ارتفاعه، وذلك بمقدار ما يتناوله من طعام وما يستعمله من جرعات الأنسولين وكذلك ما يبذله من جهد عضلي.

يتكرر حدوث انخفاض سكر الدم لمريض السكر خاصة عند اعتماده على الأنسولين في علاجه خلال ساعات الصوم وهي أشد خطراً على حياته من ارتفاع سكر الدم.
أما الإختلاف بين مرضى السكري فيتمثل في العمر، الوزن، طبيعة العمل، نوع السكري، طول فترة المرض، وجود مضاعفات ام لا إلخ ….

على سبيل المثال، الصيام لمريض السكري:

  • النوع الأول: الذي يعتمد علاجه على الأنسولين او بالنسبة الى مريض
  • النوع الثاني: قد لا يعتمد على الأنسوين إنما على الحبوب الخافضة للسكر يمكن الصوم لهم إذا تم تنظيم مستوى السكر والوجبات الغذائية بمساعدة الطبيب المختص وكان الصوم لايمثل لهم خطراً على حياتيم الصحية وهذا امر دقيق يجب اخذ كل حالة مخصصة ويصعب التعميم لذلك ننصح كل مريض ان يسئل طبيبا ذو علم طبي وصاحب فقه ودين حيث تشعبت الاراء في هذا الموضوع ويجب عدم التسرع من قبل الطبيب باعطاء الحكم.

أولاً: السكري النوع الأول أو السكري المعتمد على حقن الأنسولين:

مرضى هذا النوع من السكري يحتاجون إلى حقن الأنسولين عدة مرات في اليوم وبشكل يومي، إذ يتميز هذا النمط بانعدام إفراز الأنسولين من البنكرياس تماماً، ولابد من تعويض الأنسولين بواسطة حقن الأنسولين تحت الجلد كل يوم.
يستطيع الكثير من مرضى السكري المعتمدين على الأنسولين في علاجهم صوم شهر رمضان شريطة ما يلي:

  1. أن تكون الحالة الصحية للمريض مستقرة قبل شهر الصوم وأن يكون الشخص قادراً على التحكم بمستوى السكر في دمه وجعله قريباً من حدوده الطبيعية.
  2. أن لا يعاني المريض من تكرار حدوث حالة انخفاض مستوى سكر الدم أو الحامض الكيتوني السكري عند الصيام.
  3. يجب استشارة الطبيب المعالج قبل دخول الشهر المبارك عن الجرعات التي سوف يحتاجها الشخص المصاب وعدم تأجيل استشارته بعد دخول الشهر الكريم.
  4. يحدد الطبيب المعالج نوع الأنسولين المستعمل والجرعات اللازمة، بناء على حالة المريض الصحية ومقدار ما يتناوله من طعام بين الإفطار والسحور بهدف المحافظة على مستوى سكر الدم قريباً لحدوده الطبيعية .
  5. اذا كان المريض يأخذ الأنسولين الصافي والأنسولين العكر فجرعة الإفطار عند المغرب في رمضان هي نفس الجرعة التي كانت تأخذ عند الصباح في الأيام العادية وفي السحور يأخذ جرعة من الأنسولين الصافي وثلثي الأنسولين العكر من جرعة المساء الذي كان يستخدمها قبل رمضان وكذلك لابد من ان تكون هنالك جرعة اضافية بعد صلاة العشاء من الانسولين الصافي او سريع المفعول اضافية وهي ضرورية وتعتمد هذه الجرعة على مستوى السكر في ذلك الوقت هل طبيعيا ام مرتفعا وكذلك هل ستكون هنالك وجبة خفيفة ام لا فالكثير من المرضى يستفيدون من هذه الجرعة الاضافية وهي بمثابة جرعة ثالثة خلال فترة المساء . اما بالنسبة للمرضى الذين يكونون على مضخة الانسولين فيجب تخفيض جرعات الانسولين الصباحية وزيادة الجرعات المسائية ولابد من برمجة المضخة لهذا الشهر الكريم واخيراً المرضى الذين ياخذون الانسولين الطويل المفعول لانتوس او ليفيمير يفضل تاخير الجرعة الى 2 – 3 صباحا وتقليل الجرعة بمقدار 20 – 30 % عن الجرعة الاساسية وكذلك يجب التنبه الى انّ الانسولين تحت الجلد لاينقض الصيام بمعنى لابد من فحص السكر خلال النهار واذا كان منخفضا يجب الافطار مباشرة دون اي تاخير حتى لو لم يبقى الا القليل الى اذان المغرب وكذلك اذا كان السكر مرتفعا لابد من فحص الكيتون في البول ويجب اخذ جرعة تصحيحية من الانسولين الصافي او سريع المفعول كي لايحدث حموضة في الدم وهذه الملاحظة يجهلها الكثير من المرضى وحالات ارتفاع السكر وحموضة الدم تكون كثيرة خلال نهار رمضان فمريض السكر وخصوصا النوع الاول عرضة للانخفاض وكذلك لارتفاع السكر خلال الصوم ويجب معرفة التعامل مع الحالتين كما تمّ ذكره.
  6. يفضل إنقاص حجم الأنسولين في السحور، حتى يتجنب المريض حدوث انخفاض السكر خلال الصوم.
  7. يفضل في أيام رمضان عمل تحليل السكر عند الاستيقاظ من النوم و خلال الصوم على سبيل المثال عند صلاة العصر، قبل آذان المغرب، بعد صلاة التراويح، عند منتصف الليل، قبل السحور، عند الاستيقاظ من النوم في اليوم التالي، وذلك لضبط جرعة الأنسولين، حيث أن الطريقة التي سبق ذكرها هي طريقة عامة وكل شخص يختلف عن الآخر.

ثانياً:السكري من النوع الثاني، أو السكري غير المعتمد عمى حقن الأنسولين:
ويقسم مرضى هذا النوع إلى فئات متعددة حسب العلاج المستخدم لضبط سكر الدم :

  1. سكري النمط الثاني الذي يعالج بالحمية فقط أو بالحمية مع الحبوب المنظمة لسكر الدم: ينصح مرضى هذه الفئة بصوم رمضان ، فلهم فيه فائدة صحية كبيرة ، خصوصاً إذا استمروا على الحمية المتوازنة في الفترة المسائية بعد أذان المغرب ، ومع ذلك، عليهم استشارة طبيبهم ليوضح لهم كيفية تنظيم علاجهم في الفترة النهارية والمسائية من أيام رمضان المبارك ويجب عدم الافراط في تناول الاكل بعد المغرب في الصيام هو للاحساس بالجوع كي نشعر بمعاناة الفقراء وليس لكي نصوم نهاراً ونأكل بدون حساب في المساء.
  2. سكري النمط الثاني الذي يعالج بالحمية والأقراص الخافضة لسكر الدم: يمكن لهذه الفئة أن تصوم ، ولكن بعد استشارة الطبيب ، الذي قد يقلب نظام أخذ الحبوب فيجعل الجرعة الصباحية عند أذان المغرب والمسائية قبل السحور في وقت الفجر ، وقد ينقص الجرعات الدوائية إذا كان الصائم ملتزماً بقواعد الحمية الغذائية بعد أذان المغرب، أو قد يغير نوع الحبوب فيصف لك الحبوب ذات المفعول السريع والقصير . استشره واعمل برأيه فهو خبير بذلك.
  3. سكري النمط الثاني الذي يعالج بجرعة إنسولين واحدة فقط في اليوم: وهؤلاء يمكن لهم أن يصوموا ، ولكن يصبح موعد حقن هذه الجرعة الوحيدة قبيل أذان المغرب في أغلب الحالات ، ولابد من استشارة الطبيب ليعطي رأيه بدقة أكثر وفق الحالة العامة للمريض ووفق نوع الأنسولين الذي يحقنه.
  4. سكري النمط الثاني الذي يعالج بالحمية والحبوب الخافضة لسكر الدم وحقن الأنسولين تحت الجلد: وهذه الفئة تقسم إلى نوعين:
  •  الأول: أدخل له الأنسولين في العلاج بسبب عدم ضبط سكر دمه ، ولكنه ليس لديه مضاعفات خطيرة كالإصابة القلبية أو الكلوية أو العينية أو القدم السكرية أو أية إصابة إنتانية ، وفي هذه الحالة قد يسمح له بالصوم ، ولكن تحت إشراف طبي مباشر واستعداد يسبق بدء شهر رمضان ، مع إجراء عدة مراجعات للطبيب خلال الشهر المبارك.
  • الثاني: فهم المرضى المذكورين آنفاً ولكن لدييم مضاعفات سكرية خطيرة مثل أمراض القلب والشرايين وأمراض الكلية وارتفاع الضغط والإعتلالات العصبية السكرية ونقص التروية ، وهؤلاء المرضى قد يشكل الصيام ونقص السوائل خلال النهار لديهم خطورة ،وعليهم مراجعة طبيبهم وسؤال أهل العلم والفقه.

ثالثاً: السكري الحملي:
وهو الذي يصيب بعض النساء في فترة الحمل فقط ، وقد يغيب بعد الولادة بفترة قصيرة ، وأغلب الحالات تعالج بحقن الأنسولين طيلة مدة الحمل، ولذلك، وحفاظاً على الجنين وعلى الحامل ، فإنه لا ينصح لها بالصيام تجنباً لأي مضاعفات حادة مثل هبوط سكر الدم أو ارتفاع سكر الدم الشديد ، ويمكن قضاء رمضان بعد الولادة في وقت مناسب لها ولرضيعها ، لأن السكري الحملي يعتبر إنذاراً مبكراً  لإمكانية إصابة هذه المرأة بالسكري من النمط الثاني مستقبلا ، وبالتالي، ففي قضاء الصيام فائدة وقائية وعلاجية من هذا النوع من السكري (السكري النمط الثاني).

رابعاً: السكري من النوع المودي( MODY) :
وهذا النوع من السكري ربما لم تسمع به من قبل ، ولكنه بدأ يظهر ويشيع في مجتمعنا بين أطفالنا وشبابنا ، وهو يشبه إلى حد ما السكري من النمط الثاني الذي يصيب الكبار وبعض الأطفال أيضاً، ويعتبر الصيام مع تنظيم الحمية الغذائية في فترات الإفطار ذو فائدة علاجية كبيرة ، ولا يمنع ذلك من استشارة الطبيب المختص أولا ، لأنه حتى هذا النوع من السكري له أنواع مختمفة وتدابير علاجية متنوعة.

خامساً: السكري من النوع لادا(LADA):
وهذا النوع من مرض السكري أيضاً ربما لم تسمع به من قبل ، ولكنه موجود عند بعض البالغين والكبار الذين ظهرت لديهم الإصابة لأسباب مجهولة لا تتعلق بوجود بدانة أو زيادة في الوزن ، ومعظم هؤلاء المرضى يعالجون بحقن الأنسولين، تماماً مثل مرضى النمط الأول من السكري، وبالتالي صيام شهر رمضان المبارك، مثلهم في ذلك مثل مرضى النمط الأول.

عند صوم رمضان ينصح مرضى السكري باتباع النصائح الغذائية التالية :

  1. اتباع السنة الكريمة بتأخير فترة السحور إلى ما قبل الفجر بقليل .
  2. تناول كميات كافية من السوائل عند السحور.
  3. عدم الإستمرار بالصيام إذا حدث هبوط في السكر في أي وقت خلال فترة الصيام حتى لو لم يتبقى الا القليل لاذان المغرب.
  4. إتباع الحمية الغذائية الموصوفة له وضرورة التقيد بالكميات والمواعيد المحددة ، وعدد وجبات الطعام خلال فترة الصيام.
  5. يجب الاتصال باخصائية التغذية للاستفسار عن نوعيات الأكل المفضلة تناولها وضرورة استعمال المريض جداول مبادلات الأغذية في اختيار مكونات أطباق طعامه المفضلة خلال شهر رمضان والتي سوف تقوم أخصائية التغذية في عيادة السكر بشرح ذلك.
  6. عدم تناول المريض أطباق حلويات رمضان (شراب الفاكهة والعسل والمربيات والكيك والبسكويت)، لأنها تسبب ارتفاعاً شديداً في مستوى سكر الدم، والإقلال من تناول الأغذية المحمرة بالزيت، كالسمبوسة والمطبق وغيرها لارتفاع محتواها من السعرات الحرارية ويمكن تغيير طريقة تحضير هذه الوجبات باستخدام الفرن بدلا من القلي وكذلك اذا كان لابد من أخذ القليل من الحلوى فيزيد من جرعة الانسولين سريع المفعول حتى لايرتفع لديه السكر ويكثر من شرب الماء حتى لايتكون لديه حموضة الدم.
  7. ضرورة احتفاظ المريض الذي يستخدم الأنسولين باستمرار، بقطع من الحلوى في جيبه بشكل دائم لكي يتناولها عند شعوره باعراض انخفاض سكر الدم وانهاء صيامه على الفور.
  8. ابرة الجلوكاجون وهي الابرة المخصصة لزيادة منسوب السكر في الدم يجب ان تكون دائما متواجدة لكي لاقدر الله حدث اغماء بسبب هبوط السكر ان يستخدمها أهل المريض لانقاذ حياته.

أخيرا أسئل الله العظيم أن يبلغنا جميعا هذا الشهر الكريم ويبارك لنا فيه وان يديم علينا جميعا الصحة والعافية ولا يحرمنا من مغفرته ورحمته وكل عام وانتم بخير وصحة وعافية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى