حقيقة أذهلتني .. أيعقل ؟

الكاتبة: فاطمة نجار

حوار واقعي دار بيني وبين طفلين أحدهما على أعتاب التخرج من المرحلة الابتدائية لتحفيظ القرآن ، والآخر بالصف الثاني الابتدائي ، أعذروني على عاميته ولهجته الحجازية ، فـقد آثرت كتابة الموقف كما جرى :

الطفل الأصغر : فين “فلسطين” ؟!
الطفل الأكبر ببديهية في غير محلها : بالله إنت ما تعرف فين فلسطين ؟ فلسطين جنب أمريكا .

شدتني الإجابة وأثارت ذهولي فـ تدخلت : لا طبعاً فلسطين مو جنب أمريكا .
الطفل الأكبر: أجل فين ؟؟
أنا : جنب سوريا ، فلسطين دولة عربية.
الطفل الأكبر : و إسرائيل ؟!
أنا متعجبة من ذكر إسرائيل وكأنها دولة بحق : إسرائيل أعداء فلسطين مالهم أرض هم بياخدو أرضنا
الطفل الأكبر باستغراب : أرضنا ؟! ليش فلسطين حقتنا؟!
أنا بحمية اثارت الدم في عروقي : إيوه حقتنا إحنا العرب والمسلمين وفيها مسجدنا الأقصى
الطفل الأكبر مستنكراً :طيب ليش ما ناخدها إذا كانت حقتنا؟!

الطفل الاصغر كان قد التزم الصمت مذهولاً طيلة الحديث فعلى ما يبدو أنها المرة الأولى التي يسمع فيها عن فلسطيننا.

سؤاله الأخير أدمى قلبي وأشعرني بحقيقة غابت عني منذ فترة طويلة وهي (أين نحن من فلسطين ؟!) , أرض العروبة وأولى القبلتين , غفلنا عنها بدنيانا , بات خبر الشهداء خبراً لا يقُض المضجع , انشغلنا بثورات الدول ونسيّنا دولتنا الثائرة منذ عقود.

سؤاله فتّق الكثير من الجراح الغائرة ، فـ وآسفـــآهـ ، وآفلسطيناهـ ، أطفالنا نسوا أرضنا المسلوبة , قطعة أفئدتنا المغتصبة ، قضيتنا الأولى منذ الطفولة , نسوا أطفال الحجارة ومحمد الدرة وبقية الصبية ، أناشيدهم وقنوات الطفولة غفِلت عن تذكيرهم بما يدمينا ، عندما كُنت بعمر الطفل الأكبر أذكُر أني قد أديت دور الطفل الفلسطيني على مسرح المدرسة ، وعندما كُنت بعمر الأصغر كنت أحفظ عن ظهر قلب عشرات الأناشيد الفلسطينية .

 أرجوكم أيها الأحبة لنراجع فقط تاريخ أرضنا مع أطفالنا ، ونتيقن بأن جرحنا الغائر مازال له في حنآيهم أثر، فـ ذاك أبسط حقوق المسلم العربي على عروسنا المفقودة “فلسطين” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى