السمنة لدى الاطفال: أسبابها وطرق علاجها

د. عبدالمعين اغا

مجلة نبض – بيان الميمني :
مرت المجتمعات العربية بعدة مراحل تطورت فيها الحياة الاجتماعية والاقتصادية بسرعة وبصورة غير تدريجية توفرت فيها المواد الغذائية بصورة كبيرة وبنوعيات هائلة ولم يتبع هذا التطور نوعية صحية لتحديد الاختيار وتنظيم الغذاء وكان هناك غياب وقصور للتوعية الصحية والغذائية ولم تعط الأهمية الملائمة مما تسبب في ظهور طفرة في الوزن في معظم البلاد العربية , حول موضوع السمنة لدى الاطفال واثارها وطرق علاجها يسرنا استضافة الدكتور عبدالمعين عيد الآغا أستاذ مشارك بكلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز واستشاري طب الاطفال والغدد الصماء والسكري .

أسباب انتشار السمنة عند الأطفال ؟

  • انتشار الأغذية والمشروبات والتي تزود الجسم بالطاقة الحرارية العالية والخالية من العناصر المغذية وتحرم الجسم من تناول الأغذية المفيدة بما تسببه من شبع لدى من يتناولها دون فائدة .
  • تزداد هذه المشكلة في سن المراهقة وفترة النمو حيث يزداد حجم وعدد الخلايا الدهنية من تناول مثل هذه الأطعمة .
  • زيادة تناول المقليات والوجبات السريعة والمختلفة ذات السعرات الحرارية عالية بدون تنظيم وبصفة مستمرة له دور مهم في انتشار معدل السمنة .
  • الكسل والتراخي وعدم القيام بالأعمال اليومية والاعتماد على الخدم في كل صغيرة وكبيرة والجلوس بالساعات أمام التلفزيون وتناول المسليات والمكسرات مع عدم القيام برياضات يومية منتظمة .
  • تلعب عادات أكل الطفل وكذلك نوعية الأغذية التي يتناولها دوراً في حدوث السمنة المفرطة على سبيل المثال :

أكل الطفل لكميات أكثر من اللازم من الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية بدلاً من تناوله الأطعمة الصحية .

أكل الطفل دون أن يجوع .

الأكل أثناء مشاهدة التلفزيون .

  • الوجبات المدرسية العالية السعرات لذلك ننصح مدراء المدارس بملاحظة ما يباع في المدارس من مشروبات ووجبات عالية السعرات كل ذلك يؤدي إلى السمنة المفرطة .
  • خدمة توصيل الأكلات السريعة للمنازل قد جعلت الأمر أسوأ لأن ذلك شجع الأطفال على تناول الأطعمة الغير صحية .
  • أن يكون الولد وحيداً أو عاش في عائلة منفصلة إذ أنه بهذه الطريقة يعوض عن حاجاته العاطفية بكثرة الأكل .
  • انتشار استخدام حليب البودرة كبديل عن الرضاعة الطبيعية من ثدي الأم في العام الأول من عمر الطفل .
  • إلغاء عادة الفطور يومياً بسبب ضيق الوقت قبل المدرسة والأكل الغير منتظم كماً ونوعاً أي استبدال الوجبات الثلاث بأخرى عديدة متفرقة خلال النهار والتي لا تحتوي على مكونات مغذية بقدر احتوائها على الدهون والسكر .

نسبة السمنة بين الأطفال في السعودية ؟

هنالك  دراسة حديثة جمعت (19317) من الأطفال والمراهقين مابين 5 – 15 سنة تبين أن نسبة الوزن الزائد لدى هذا العدد من الأطفال الأصحاء 23.1% ونسبة السمنة 9.3% والسمنة المفرطة 2% وبالتالي فإن مجموع هذه النسب لا يتجاوز 35% وهي تقريباً 3/1 الأطفال مابين 5 – 15 سنة يعانون من الوزن الزائد أو السمنة .

ما تأثيرات السمنة السلبية على صحة الأطفال ؟

هنالك تأثيرات صحية وتأثيرات نفسية والأمراض المتعلقة بها .

التأثيرات الصحية :

  • أمراض المرارة .
  • أمراض الجهاز الهضمي .
  • اضطرابات الدورة الشهرية .
  • التشخير واختناق التنفس بالنوم .
  • أمراض الشرايين وتصلب الشرايين .
  • زيادة احتمال الإصابة ببعض أنواع السرطان .
  • مرض السكري : مما لا شك فيه أن هناك علاقة قوية بين السمنة ومرض السكري (النوع الثاني) الغير معتمد على الأنسولين .

ويجب أن لا نغفل عن أنه توجد أسباب أخرى مثل الوراثة والجنس والأماكن الجغرافية وغيرها .

تشير الدراسات إلى أن انتشار داء السكري لدى قبائل هنود “البيما” قد سجل أعلى مستوى في العالم 70% ويعتقد أن البدانة هي العامل الأساسي في انتشار داء السكري لديهم .

  • ارتفاع ضغط الدم : فنسبة ارتفاع ضغط الدم بين البدينين تصل إلى 3 أضعاف نسبته بين العاديين فتخفيض الوزن مع التقليل من ملح عند مرتفعي ضغط الدم قلل من مستويات ارتفاع ضغط الدم بنسبة تصل إلى 50% .
  • آلام المفاصل والأربطة : السمنة حمل زائد أيضاً على مفاصل الجسم وأربطته ويظهر ذلك في صورة آلام متعددة بالمفاصل .

التأثيرات النفسية :

  • الاكتئاب النفسي من نظرة طلاب المدرسة والأخوان على أنه بدين .
  • قد يؤدي إلى العداء والتصرفات الغير محببة .
  • قد يؤدي إلى تأخر التحصيل العلمي .
  • الإحساس بالنقص .
  • اعتزال الزملاء والميل للوحدة .
  • الإحباط .
  • الخجل .
  • إهمال الذات .
  • اليأس .

طرق الوقاية الرضاعة الطبيعية فهي تجنب الصغار خطر البدانة ؟

كشفت دراسات طبية أنّ الرضاعة الطبيعية تلعب دوراً أساسياً في حماية الأطفال ضد خطر البدانة خلال السنوات الخمس الأولى من أعمارهم وأنه كلما كانت فترة الرضاعة الطبيعية أطول كلما تراجع خطر الإصابة بالبدانة خلال فترة المراهقة .

كذلك فإن أطفال الرضاعة الطبيعية أقل عرضة للبدانة خلال الفترة العمرية مابين 3 – 5 سنوات مقارنة بالأطفال الذين رضعوا الحليب الاصطناعي وتبين أن أطفال الرضاعة الطبيعية أقل بما يتراوح مابين 16 – 20% للإصابة بالبدانة مقارنة بأطفال الرضاعة الاصطناعية .

قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : (ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) رواه أحمد والترمذي

أختتم كلامي بقوله تعالى : “يا بني آدم زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين” الأعراف 31

نصائح للأسرة للحد من سمنة الأطفال ؟

  • برامج توعوية عن طريق الإعلام والمدرسة عن الغذاء الصحي ودور الرياضة في الوقاية والعلاج .
  • الغذاء الصحي يشمل تجنب المشروبات الغازية (استبدالها بشرب الماء) والوجبات السريعة وجميع أنواع الحلويات والشوكولاتة .
  • الإكثار من الخضار والفاكهة والبروتينات .
  • استخدام الدهون النباتية أو الغير مشبعة في تحضير الطعام .
  • الإقلال من النشويات والسكريات العالية السعرات .
  • تجنب المقالي واستبدالها بالمسلوق والمشوي .
  • تجنب الأكل بين الوجبات الرئيسية .
  • اعتماد برامج توعية وتثقيف من شأنها تشجيع الأطفال على اتباع أنماط صحية للتغذية .
  • تشجيع الأمهات على إرضاع أطفالهن حيث ثبت بما لا يترك مجالاً للشك بأن الأطفال الذين ترضعهم أمهاتهم أكثر قابلية على التحكم بأوزانهم .
  • ينصح بتجنب الأغذية الآتية : الوجبات السريعة – المشروبات الغازية – الحلوى والسكريات المركزة
  • تجنبوا الأكل أمام التلفزيون .
  • تناول الوجبات الخفيفة الصحية مثل الفواكه والخضروات الطازجة والعصائر الطازجة والزبادي والجبن قليلة الدسم .
  • تفادي تناول شرائح البطاطس فهي ضارة .
  • عدم استخدام الطعام كمكافأة (أحياناً يستخدم الآباء الحلوى كوسيلة لمكافأة الأطفال) .
  • تجنب وصفات الحمية العشوائية والتجارية والتي قد تؤدي إلى نقصان سريع في الوزن فهي تسبب مضاعفات صحية خطيرة كنقص في بعض الفيتامينات والمعادن الضرورية للجسم وكذلك تؤدي إلى استعادة الوزن المفقود لاحقاً .
  • على الأهل أن يخففوا الدهون والسكريات من الوجبات ويمنعوا المشروبات الغازية ويشجعوا على تناول النشويات والألياف واستهلاك البروتين من مصدر نباتي وحيواني .
  • من العوامل المساعدة أيضاً وضع جدول صارم ومحدد لأوقات الطعام وتعليم الأطفال على مضغ الأكل ببطء وعدم تناوله أمام التلفزيون وتشجيعه على ممارسة الرياضة .
  • التقليل من شرب عصائر الفاكهة المعلبة وإن خلت من السكر أما العصائر الطازجة فهي مفيدة ولكن بمقدار مناسب .

علاج السمنة عند الأطفال ؟

طرق علاج السمنة تختلف حسب الحالة السمنة البسيطة والمتوسطة هناك عدة طرق لتخفيض الوزن أهمها نظام الغذاء والتمارين .

في حالة السمنة المفرطة والخبيثة فقد أثبتت الدراسات عدم جدوى الطرق الغير جراحية بل وينصح عدم ترك الحل الجراحي كآخر الحلول لعلاج السمنة المفرطة إذ أن مخاطر تأجيل علاج السمنة المفرطة وخيمة خطط العلاج هي :

العلاج الغذائي : يتم استشارة أخصائي التغذية وهو الذي يحدد حاجة الطفل الغذائية وينصح الطفل بمعرفة كمية السعرات الحرارية التي يقدمها كل غذاء قبل تناوله وكذلك تعلم الهرم الغذائي وكذلك ينصح الطفل بمضغ الطعام مطولاً وتناوله بقطع صغيرة وتجنب الأكل السريع .

من الطرق الخطيرة اللجوء للحمية الغذائية القاسية طمعاً في إنزال الوزن سريعاً دون الأخذ بالاعتبار احتياجات الشخص من العناصر المغذية مثل: الزنك – البوتاسيوم – الحديد – الفيتامينات .

فقد الوزن نتيجة فقد سوائل الجسم بالعرق أو استخدام كريمات تمتص الماء والسوائل من بين الخلايا مما يعطي إيحاء ظاهري مؤقت بفقد الوزن يعود خلال فترة قصيرة بعد تناول السوائل كما وأن الفقد المستمر لهذه السوائل ولفترة طويلة يؤثر سلباً على عملية الضغط الاسموزي والمسئول عن تبادل المغذيات بين الخلايا والأوعية الدموية واللمفاوية وهذا يسبب أعراض خطيرة للجسم .

البرنامج الغذائي الصحي والمتكامل هو الذي يعتمد على ضمان الحصول على جميع الاحتياجات الغذائية الهامة من جميع المجموعات الغذائية (الحبوب والفاكهة والخضروات واللحوم والحليب) في وجبات اليوم الكامل واستخدام جداول البدائل الغذائية للتغير في النوعيات في حدود السعرات الحرارية المحسوبة لكل شخص حسب عمره ووزنه وطوله ووزنه المثالي ونوعية النشاط الذي يقوم به.

التمارين الرياضية : لا شك أن الكثير منا يعرف أثر التمارين الرياضية دواء لكل داء كونها من أهم الطرق الشائعة لحرق السعرات الحرارية وخصوصاً عند الأشخاص البدناء .

الرياضة الجماعية لمدة 30 دقيقة يومياً .

توفير أماكن عامة للمشي وساحات آمنة لممارسة الرياضة .

التشجيع على نبذ المصاعد واستخدام الدرج في إطار محاولة للحفاظ على الطاقة وخفض مخاطر الإصابة بالسمنة وتقليل تأثير الأمراض المرتبطة بزيادة الوزن على العاملين .

العلاج السلوكي : يتضمن تغيرات في النظام الغذائي والنشاط البدني وهي من أهم العادات الصحية التي تخفض الوزن .

بعض الاستراتيجيات العلاجية السلوكية للأطفال والمراهقين يجب أن تضمن مشاركة الأم والأسرة منها على سبيل المثال : انخراط الطفل في بيئة اجتماعية تشجعه على تخفيض الوزن من قبل الأصدقاء أو الأقارب أو مجموعة من المراهقين ممن يسعون لتخفيض الوزن .

تجنب التوبيخ والعقاب فهما لا يفيدان بل يزيد حجم المشكلة .

العلاج بالعقاقير :

  • عقار Rimonabant ويسمى باحثون آخرون أيضاً Acomplia وقد صدرت تقارير أخرى تفيد أنه لا يعمل على التخلص من البدانة وحسب بل يساعد على الحفاظ على الوزن المنخفض لمدة عامين .
  • دواء xenical “أورليستات” (Orlistatat): هذا الدواء يعمل على مستوى الأمعاء ويمنع امتصاص ما يعادل 36% من المواد الدهنية المتناولة في الطعام .

يخفف الدواء 10% من الوزن خلال 6 – 12 شهراً .يسبب هذا الدواء إسهالاً وتلوث الملابس الداخلية .

  • دواء “سيبوترامين” (Sibutramine) أو ريدكتيل : له خاصية إنقاص الشهية للطعام وبالتالي إنقاص تناول الغذاء فيخفض سيبوترامين تناول الأطعمة بنسبة 20 – 30% كذلك نقص 5 – 10% من الوزن في السنة الواحدة يساعد على خفض الوزن ويساهم في الحفاظ على النتيجة المتوصل إليها .

العلاج الجراحي :

حزام المعدة : يتم تركيب هذا الجزء العلوي من المعدة عن طريق منظار البطن وتحت التخدير العام .

استخدام المنظار في هذه الحالة يمكن الجراح من تركيب الحزام بدون إجراء شق كبير في جدار البطن بل عن طريق أربع جروح صغيرة يتراوح طولها بين نصف إلى 2 سم .

حزام المعدة يربط حول الجزء العلوي من المعدة بحيث تنقسم المعدة إلى قسمين :

معدة علوية صغيرة (يسمى الجيب) وهو الذي يعمل كمعدة حقيقية .

معدة سفلية وهي كبيرة الحجم ويتحكم الطبيب بعد العملية بمقدار الطعام الذي يمر عبر الجزء العلوي إلى الجزء السفلي في المعدة وذلك بشد الرباط أو إرخائه بدون جراحة وذلك بمساعدة الأشعة .

عند امتلاء الجزء العلوي من المعدة فإن المريض يشعر فوراً بالشبع والامتلاء وهذا بدوره يمنع المريض من تناول المزيد من الطعام .

تدبيس المعدة : جراحة سهلة وغير معقدة ولا تتضمن العملية استئصال أي جزء من المعدة أو الأمعاء ولا تغير العملية من مسار الطعام الذي يتناوله المريض ولا تسبب سوء تغذية ولا تؤثر على امتصاص المواد الغذائية بما فيها الفيتامينات والمعادن .

بدأ تطبيق جراحة تدبيس المعدة في أوائل الثمانينات من القرن العشرين وبالتالي فهي من أكثر الجراحات التي تمت دراستها على المدى الطويل والتي ثبت كفاءتها  في إنقاص الوزن من ندرة مضاعفاتها .

يمكن إجراء التدبيس عن طريق الجراحة المفتوحة أو عن طريق منظار تجويف البطن .

شفط الشحوم : من الطرق الجراحية المهمة في معالجة الشحم في مناطق الجسم المتعددة وباستخدام جهاز خاص لشفط الشحوم عن طريق جرح صغير جداً باستخدام التخدير الموضعي أو العام وحسب كمية الشحوم ورغبة أو تحمل المريض بمرحلة واحدة أو مراحل عديدة .

ويمكن للمريض الخروج من المستشفى في نفس اليوم . بعد العملية يتم وضع مشد خاص منعاً من ارتخاء المساحات المعالجة وترهلها في ما بعد .

إذا كانت نسبة الترهل والارتخاء في الجلد كبيرة بسبب إزالة كميات كثيرة من أنسجة الدهون التي كانت ترفع الجلد فهذا يحتم إجراء عملية ثانية لشد الجلد وإزالة الترهل .

إزالة الشحوم والترهلات الجلدية : النوع الثاني من عمليات التخلص من الدهون بالعملية الجراحية التقليدية التي تتركز أساساً على تخليص البطن ومحيطه من الدهون وذلك من خلال قص المساحة الموجودة في أسفل القسم الثاني من البطن وتتم إزالة طبقات الشحم والدهون من ثنايا أنسجة هذه المساحة .

بواسطة هذه الطريقة يمكن إزالة كميات لا بأس بها من الشحوم وترهلات الجلد في مختلف أجزاء الجسم كالبطن والأرداف وكافة الأطراف .تكون جرح هذه العملية في مناطق مخفية أو غير مرئية من الجسم وباستخدام الخياطة التجميلية الناعمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى