الخلايا الجذعية لعلاج داء السكري

د. عبدالمعين اغا

مجلة نبض – بيان الميمني :

ماهي الخلايا الجذعية وماهو دورها في علاج الامراض وخصوصا مرض السكري  هذا ماسيحدثنا عنه الدكتور عبدالمعين عيد الآغا  أستاذ مشارك بكلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز واستشاري طب الأطفال والغدد الصماء والسكري .

الخلايا الجذعية هي خلايا لها القدرة على الانقسام والتكاثر وتجديد نفسها وهي خلايا بدائية غير متمايزة إلى أنواع خلوية متخصصة ، مما يسمح لها بأن تعمل كجهاز إصلاحي للجسم ، باستبدال خلايا أخرى عاطلة و الحفاظ على وظيفة الأعضاء الجسمية .

الخلايا الجذعية قادرة على تكوين خلية بالغة ، وأهميتها تأتي من قدرتها على تكوين أي نوع من أنواع الخلايا المتخصصة كخلايا العضلات وخلايا الكبد والخلايا العصبية والخلايا الجلدية وخلايا البنكرياس .

يعتقد خبراء البحث الطبي أن الخلايا الجذعية بقدرتها هذه قادرة على تغيير تاريخ الأمراض البشرية عن طريق استخدامها لإصلاح نسيج متخصص أو عن طريق دفعها للنمو بشكل عضو حيوي معين ، بالرغم من هذا فإن هذه الأبحاث تثير العديد من المخاوف الأخلاقية والإنسانية مما اضطر العديد من الدول لوضع تشريعات تحدد هذه الأبحاث العلمية .

أنواع الخلايا الجذعية :

  1. الجينية : وتسمى أيضاً الخلايا الجذعية متعددة الفعالية وتكون في مرحلة الجنين الباكر ، ولها القدرة على إعطاء العديد من أنواع الخلايا وليس كل أنواع الخلايا اللازمة للتكوين الجيني لأن فعاليتها وقدرتها ليست كاملة ، لذلك فهي لا تعتبر أجنة ولا تكون أجنة عند زراعتها في الرحم لأنها غير قادرة على تكوين المشيمة والأنسجة الدعامية الأخرى التي يحتاج إليها الجنين في الرحم أثناء عملية التكوين ، ويتم الحصول على الخلايا الجذعية الجينية من الجزء الداخلي للبلاستولة .
  2. البالغة : توجد في الأطفال والبالغين على حد سواء ، وعندما تبدأ كتلة الخلايا الداخلية للبلاستولة بالتكاثر والانقسام المتكرر تنتج خلايا جذعية متخصصة مسؤولة عن تكوين خلايا ذات وظائف محددة ( مثل خلايا الدم الجذعية التي تعطي خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية ، وهناك خلايا الجلد الجذعية التي تعطي خلايا الجلد بمختلف أنواعها ) ، وتسمى هذه الخلايا الجذعية الأكثر تخصصاً بالخلايا الجذعية البالغة .

والخلايا الجذعية الجينية أفضل من الخلايا الجذعية البالغة ، وتواجه العلماء بعض المشاكل في الاستفادة من الخلايا الجذعية البالغة ، مثل وجودها بكميات قليلة مما يجعل من الصعب عزلها وتنقيتها ، ويقل عددها مع تقدم العمر بالإنسان ، وليس لها نفس القدرة على التكاثر الموجودة في الخلايا الجينية .

طرق الحصول على الخلايا الجذعية الجينية :

  1. طريقة الدكتور جيمس تومسون : وتكون بأخذ هذه الخلايا مباشرة من كتلة الخلايا الداخلية في مرحلة البلاستولة من الأجنة الفائضة في عيادات الخصوبة .
  2. طريقة الدكتور جيرهارت : وتكون بأخذ الخلايا من الأجنة المجهضة ، وتؤخذ من المنطقة التي تكون الخصي والمبايض في الجنين لاحقاً .
  3. طريقة الاستنساخ العلاجي : أو مايسمى نقل أنوية الخلايا الجسدية ، وهذه الطريقة تتبع تقنية الاستنساخ .
  4. الحصول عليها من خلايا المشيمة أو دم الحبل السري عند الولادة .
  5. الحصول عليها من أنسجة البالغين كنخاع العظام والخلايا الدهنية .

أمثلة على الإستخدامات الطبية :

  1. الأمراض العصبية : إن من أهم الأمراض التي يمكن أن تحقق فيها الخلايا الجذعية الجينية نجاحاً طبياً هي بعض أمراض الجهاز العصبي خاصة العصبي خاصة مرض باركتسون ومرض زهايمر والعديد من الأمراض العصبية التي لا علاج لها .
  2. أمراض القلب : زراعة خلايا عضلية سليمة قد يقدم أملاً جديداً للمرضى الذين يعانون من أمراض القلب المزمنة التي تجعل القلب غير قادر على ضخ الدم بكميات كافية ، ويتمثل هذا الأمل في تكوين خلايا عضلية قلبية من الخلايا الجذعية المختلفة ومن ثم زراعتها في عضلة القلب الضعيفة ، وذلك بهدف القدرة الوظيفية للقلب الضعيف ، إن التجارب الأولية في الفئران وحيوانات أخرى أظهرت أن الخلايا الجذعية التي زرعت في القلب نجحت في إعادة تأهيل أنسجة القلب وأدت عملها بالاشتراك مع الخلايا الأصلية .
  3. أمراض السكري : في العديد من الأشخاص الذين يعانون من النوع الأول ( type 1 ) من السكري يتعطل إنتاج الأنسولين من الخلايا البنكرياسية المنتجة له التي تعرف بجزرلانجرهانز ، قد تحد من الحاجة إلى حقن الأنسولين ، الخطوط الخلوية من خلايا الجزر البنكرياسية المشتقة من الخلايا الجذعية البشرية يمكن استخدامها في أبحاث مرض السكري ومن ثم زراعتها في المرضى .

بالرغم من أن هذه الأبحاث تعطي آمالاً كبيرة إلا أنه لا يزال هناك الكثير من الجهد الذي يتوجب بذله قبل تحقيق هذه الآمال ، فهناك تحديات تقنية لابد من التغلب عليها أولاً قبل البدء في تطبيق هذه الاكتشافات في العيادات الطبية ، ومع أن هذه التحديات كبيرة وصعبة إلا أنها ليست مستحيلة .

الخلايا الجذعية بين الفقه والأخلاق :

جعل الإسلام من مقاصده الأساسية حفظ النفس والنسل ، والفقه الإسلامي ذو منهجية ربانية في التعامل معهما ، وحيث أن الأجنة مصدر رئيس للخلايا الجذعية فإن الفقهاء تعرضوا لذلك قديماً وحديثاً .

وعليه فيما يخص النواحي الفقهية في هذا الموضوع إلى القرارات (60 ، 59 ، 58 ، 57 ، 56 ، 55 ، 54 ) الصادرة عن المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة المنعقدة بجدة في مارس 1990م ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي :

  1. الجنين الآدمي له حرمة ، وعلى هذا الأساس فإنه لا يجوز إجهاضه من أجل استخدام خلاياه واستثمارها تجارياً كان تباع لإجراء التجارب عليها واستخدامها في زرع الأعضاء واستخراج بعض العقاقير منها .
  2. يجوز الانتفاع بالخلايا الجينية المستمدة من الأجنة المجهضة لأسباب علاجية أو الأجنة الساقطة والتي لم تنفخ فيها الروح بعد سواء في زراعة الأعضاء أو الأبحاث والتجارب المعملية وشروط الانتفاع ترتكز أساساً على ضرورة الموازنة الشرعية بين المفاسد والمصالح .
  3. ليس هناك مايمنع شرعاً من نقل الخلايا الجينية في حالة الجنين الميت واستخدامها لعلاج الأمراض المستعصية في المخ ونخاع العظم وخلايا الكبد وخلايا الكلى والأنسجة الأخرى وفقاً للشروط التي ذكرها المجمع الفقهي الإسلامي .
  4. لا يحرم استخدام الخلايا الجذعية الموجودة في الإنسان البالغ إذ إن أخذها منه لا يشكل ضرراً عليه فإذا أمكن تحويلها إلى خلايا ذات فائدة لشخص مريض وهذا الاستخدام يحقق مصلحة بلا ضرر مثل زراعة الأعضاء .
  5. لا يسمح المجمع بالتبرع بالنطف المذكرة أو المؤنثة ( حيوانات منوية أو بويضات ) لإنتاج بويضات مخصبة تتحول بعد ذلك إلى جنين بهدف الحصول على الخلايا الجذعية منه .
  6. يمنع المجمع الموقر طريقة الاستنساخ للحصول على الخلايا الجذعية الجينية .
  7. إباحة طريقة الحصول على الخلايا الجذعية من خلال الحبل السري أو المشيمة

وأخيرا بالرغم من أن هذه الأبحاث تعطي آمالاً كبيرة إلا أنه لا يزال هناك الكثير من الجهد الذي يتوجب بذله قبل تحقيق هذه الآمال ، فهناك تحديات تقنية لابد من التغلب عليها أولاً قبل البدء في تطبيق هذه الاكتشافات في العيادات الطبية ، ومع أن هذه التحديات كبيرة وصعبة إلا أنها ليست مستحيلة وللاسف تظهر من فترة لاخرى دعايات عن مراكز نجحت في هذه الزراعات وهي في الحقيقة مراكز تجارية والى الان مازالت زراعة الخلايا الجذعية لمرضى السكري في مرحلة البحث والتجربة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى