أنا مناوب

نايف العتيبي1 ‫‬

الكاتب: د.نايف العتيبي

لوهلة يتملك قلبك الرعب , وتشعر بأن أعباء الكادر الصحي تقع كلها على كاهلك , عندما تجد في جدول المناوبات الشهرية , أن مناوبتك باليوم التالي , بالرغم من أنه واجبك اتجاه البرنامج المنتمي له , ولكن أن تقضي الليلة بعيدا عن كل الواقع الذي تعايشت معه طوال سنواتك الدراسية , ومحدودية عملك كطبيب إمتياز في آخر مسار الطب, حملٌ لوهلة تظن أنك تعجز عنه وسيواريك الفشل في ثراه, كل من يقابلك يقول أن فرصتك الوحيدة للتعلم الآن في هذه الفترة هي خلال مناوبتك, حيث ستكون في وسط المعمعة الحقيقة التي كانت مقتصرة سابقاً على الورق.

في أول مناوبة لم أكن أعرف ماذا أعمل ؟ وكيف أتصرف ؟ كيف أرتب الأولويات, أنت الوحيد الذي سيقلق منامه طنين المنبه الدائم الذي تحمله في جيبك في كل ثانية خلال 24 ساعة عصيبة, الشعور بحد ذاته يبعث على القلق فما بالك بالمفاجآت المخبأة خلال هذا اليوم , ما يحفزك للقيام بهذا التحدي هو رؤية العمل ونتائجه خلال ساعات معدودة, الفرحة في وجوه أهل المريض عندما يطمئنون على مريضهم من خلالك, فقط بذكر بعض التفاصيل البسيطة التي تسر خاطرهم, بالنسبة لي لا أفكر في ذلك الموقف أنه سيشكل فارقاً إلّا عند تجربته , الإحساس بالإنجاز خلال المناوبة شعور يدفعك لتصبر أكثر لتكون على قدر إيمانك بقدراتك.
تتميز المناوبات بأنها لا تحمل طابعاً معيناً تشترك فيه الّا التعب والإجهاد, لا تستطيع الجزم بأن مناوبتك القادمة ستحمل عواصف سريرية, أو ستمر برداً وسلاماً كنزهة تقضي فيها ليلتك خارج البيت, في خضم كل هذا يتنمّى لديك خلال هذه المناوبات جدولة معينة لأعمالك , تصرفاتك , نومك , بحيث تتعود عليها وتكون الأنسب لك شخصياً , لمزاولة التعب والتغلب عليه, ما تمر به ما هو الّا عملٌ تقوم به خالصاً لوجه الله ,لخدمة من يحتاجون أن تكون بجانبهم, هذا المبدأ يغير كثيراً من رؤيتك ويوجهك لاحقاً بإذن الله , للتطوير من ذاتك والحصول على ما تحلم به في هذه الوظيفة .
هذه فضفضة بسيطة لموضوع هائل , مقيتاً في بعض الأحيان , اخترت أن أتحدث عنه ببسيط العبارة, لأجد متنفساً , أكتب فيه حرفاً هجرته منذ فترة, قد أبدو حزيناً, متفائلاً بطريقة غريبة, ولكنها دفعة معنوية لي أن أشاركك بعض الإحساس , عندما يقال لي , غداً ( أنت مناوب ) .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أعانك الله ,وأعاننا إذا صرنا إلى ماصرت إليه ,يعجبني تفاؤلك بين ثنايا كلماتك المتعبة ,دعنا نعتبرها فرصة لأخذ التغذية الراجعة عما كنا نطمح إليه طوال سنين الدراسة ومعاشرة الأطباء ,لابد أنك قد بهرت يوماً ما بطبيب ناجح في أسلوبه ورعايته وعلمه ومقت على الجانب الآخر طبيباً قليل الإهتمام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى