كن جميلاً ترى الوجود جميلاً !

 

زوايا العدد السادس

الكاتبة: د.منال العتيبي

حينما ترى شخصاً لاتكاد تفارق الابتسامة مُحياه .. تتسأل عن سر ابتسامته الدائمة ووجهه البشوش في زمن لا يكاد يمر على أحد منا بدون هموم ومتاعب ومصاعب !
في الحقيقة الابتسامة لا تعني بالفعل سعادة صاحبها أو تعاسته .. بقدر ما تكون مرآه تعكس مايملك صاحبها من روح طيبة رضية قنوعة برزق الله ومنه وفضله عليها.
لو كانت السعادة في الحياة الدنيا مقياس لحب الله لعباده الصالحين لرأيت أطهر البشر وأزكاهم عنده سبحانه وتعالى (الأنبياء والصالحين) أسعد البشر وأنعمهم برغد العيش .. بل العكس تماماً تجدهم أكثر الناس ابتلاءاً وصبراً والأهم من ذلك (أكثر الناس رضى ) ! .. لأنها دار عبور فالخلد والنعيم والسعادة في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين .
فالمغزى من مقالي هذا : ارضى بالله وبحكمه وقدره وبحياتك التي وهبها لك ليرضى عنك ثم يُرضيك . اجعل غايتك رضاه أولاً ثم ارضاءك يأتي على قدر رضاه وحبه لك . وكما ذكرت سابقا الرضى أن تسلم زمام الأمور له سبحانه مع كامل الإيمان والتصديق بقدرته على تغيير حالك لأفضل حال وبرحمته بك فهو أرحم الراحمين سبحانه .
لحظات اليأس قد تمر على أي إنسان .. جراء عدم تحقق حلم ما أو فقده لشخص عزيز أو حتى لظلم تعرض له ولم يكن بيده لاحول ولاقوة .. غير أن الحول والقوة بيد الله وحده ..
حين توقن تماماً اليقين بأن الله قادر على تعويضك بكل خير وأنه قادر على نصرك ولو بعد حين لعلمك التام بأن مطلع على خفايا نفسك الصادقة .. وقتها فقط أقسم لك بأن كل لحظة يأس تمر بها إنما هي شيء لايذكر أمام عظيم فضله ورحمته بك .
إن أكثر ماأحبه في ديننا الإسلامي هو الشعور الدائم بأن ربنا هو أقرب قريب لنا وأننا نفزع إليه كلما هم بنا أمراً ما .
لأكون أكثر تفصيلاً .. سأطرح مثال واقعي من حياتنا اليومية .. قد تجد شخصا ما أنعم الله عليه بكل شيء ومع ذلك كل تصرفاته وأفعاله لاتدل على شكر النعمة التي هي شرط لدوام النعم.. ومع ذلك يُمن الله عليه ويرزقه بما يريد دائماً. لحكمه يخفيها الله فالله يمهل ولايهمل وقد ينتظر عودته إليه ليستقبله بكل رحمة وفضل.
في حين تجد أن شخصا قريب من الله جداً ومع ذلك تكثر عليه الابتلاءات وتتراكم عليه الهموم وهو بقسم الله راضي وقانع
لعلمه التام بأن الله أراد به خيرا وسيأتي اليوم الذي يرضيه فيه سبحانه إن لم يكن في الحياة الدنيا فالجنة بإذن الله جزاء الصابرين.
في رأيكم أيهما الأفضل السعيد أم الراضي ..؟!
فارضى بقسم الله لك وكون شخصا متفائلا بخير الله طموحا لايلبث اليأس أن يجد لك مدخلا حتى تخرجه سريعا بعلمك وعملك الصالح وسعيك لرزقك وعدم اعتمادك على التواكل فقط .
( من طلب العلم تكفل الله له برزقه )
كن عن هـــمومك معرضا وكل الأمور إلى الــــقضا
وابشر بخـــــير عاجل تنسى به ما قد مضــــى
فلــــــرب أمر مسخط لك في عواقبه رضـــــا
* * *
وربما ضــــاق المضيق ولربما اتسع الفضـــــا
الله يفعل ما يشــــــاء فلا تكن معترضــــــا
الله عودك الــــــجميل فقس على ما قد مضـــى

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى