الإيدز بدأ رحلته من كنشاسا في العشرينيات من القرن الماضي

141003173650_kinshasa_512x288_getty

مجلة نبض-BBC:

توصل علماء إلى أن منشأ وباء الإيدز يعزى إلى العشرينيات من القرن الماضي في مدينة كينشاسا الموجودة حاليا في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويقول فريق دولي من العلماء إن “مزيجا من الأحداث” شمل النمو السكاني وتجارة الجنس وحركة السكك الحديدية سمح بانتشار فيروس “اتش اي في” المسبب للإيدز.
وقال العلماء في دورية “ساينس” العلمية إنهم لجأوا إلى دراسة تاريخ الفيروس للتعرف على أصل الوباء.
واستعان الفريق بأرشيف من عينات الشفرة الوراثية للفيروس لتعقب مصدره، وأشارت الشواهد إلى أنه يعود إلى كينشاسا في فترة العشرينيات من القرن الماضي.
وأوضح تقرير العلماء أن رواجا في تجارة الجنس وزيادة سريعة في السكان واستخدام إبر غير معقمة في العيادات الصحية كان السبب في انتشار الفيروس على الأرجح.
من جهة أخرى، فإن السكك الحديدية المدعومة من بلجيكا كانت تقل مليون شخص يتدفقون إلى المدينة سنويا، وينقلون الفيروس إلى مناطق مجاورة.
وقال الخبراء إن هذه كانت رؤية رائعة لمعرفة بداية الوباء.
وبدأ فيروس اتش اي في جب انتباه العالم في الثمانينيات من القرن الماضي، وأصيب به نحو 75 مليون شخص.
لكن الفيروس له تاريخ أطول من ذلك بكثير في أفريقيا، لكن المكان الذي بدأ فيه الوباء ظل محور جدل كبير.
عوامل وراثية
حاول فريق من جامعة اوكسفورد وجامعة لوفان في بلجيكا إعادة بناء “الشجرة العائلية” لفيروس اتش اي في، ومعرفة مصدر أقدم سلالاته.
وحلل فريق البحث التحورات في الشفرة الوراثية للفيروس.
وقال البروفيسور اوليفر بايبوس من جامعة اوكسفورد لبي بي سي “يمكنك رؤية آثار تاريخ الجينات اليوم، لقد تركت سجلا، (وهو) أثر تحور في جين “اتش اي في” لا يمكن محوه”.
ومن خلال قراءة هذه الآثار للتحور الجيني، أعاد فريق البحث بناء تاريخ العائلة الفيروسية وتتبعوا جذورها.
ومرض نقص المناعة المكتسب هو نسخة متحورة من فيروس يصيب قرود الشمبانزي، يعرف باسم فيروس نقص المناعة لدى القرود. وغالبا ما وصل للإنسان عن طريق الدماء الحاملة للفيروس أثناء تناول اللحوم في الأدغال.
وتطور الفيروس في مراحل عدة، إحداها كانت التطور إلى المجموعة الفرعية O من الطور الأول من المرض، والذي أصاب عشرات الآلاف في الكاميرون.
ولكن طورا واحدا من المرض هو ما أصاب الملايين في أنحاء العالم، وهو المجموعة الفرعية M من الطور الأول للمرض.
ومعرفة سبب هذا الانتشار ترجع إلى عصر الأفلام الأبيض والأسود، والانتشار الواسع للامبراطوريات الأوروبية.
وفي عشرينيات القرن الماضي، كانت كينشاسا جزءا من الكونغو التي تسيطر عليها بلجيكا. ويقول الأستاذ أوليفر بايباس إن المدينة “كانت سريعة النمو وكبيرة جدا. وتظهر السجلات الطبية الاستعمارية ظهور حالات كثيرة من الإصابات بالأمراض التي تنتقل بالاتصال الجنسي”.
الجنس والسكك الحديدية
استقدمت أعداد كبيرة من العمال إلى كينشاسا، مما أجل بالتوازن بين الجنسين فيها، فزاد عدد الرجال عن النساء إلى الضعف. وانتهى الأمر إلى رواج شديد في تجارة الجنس.
وأضاف بايباس: “كان هناك طريقتين لمواجهة الفيروس؛ الأولى هي حملات العلاج من الأمراض المعدية المختلفة، بالإضافة إلى التطعيمات. والثاني هو شبكات النقل التي كانت تنقل الناس في البلدان الكبيرة.”
وبنهاية أربعينيات القرن الماضي، كان حوالي مليون شخص يستخدمون السكك الحديدية في كينشاسا. وانتشر المرض بسرعة شديدة في المدن المجاورة ومقاطعة كاتانغا التعدينية.
وانتهت حالات ما عرف “بالعاصفة المثالية” في كينشاسا بعد عدة عقود، لكن فيروس الإيدز كان قد بدأ بالانتشار في أنحاء العالم.
قال جوناثان بول، الأستاذ بجامعة نوتنغهام، لبي بي سي إنه “تصور مدهش للمراحل الأولى من انتشار مرض نقص المناعة المكتسب.”
وأضاف أن “العوامل المشتبه في ضلوعها في انتقال الفيروس إلى الإنسان تتضمن السفر، والزيادة السكانية، وغيرها من الأنشطة الإنسانية مثل تدخلات الرعاية الصحية غير الآمنة والبغاء.”
وتابع: “وربما تكون الفرضية الأكثر إثارة للجدل هي أن انتشار المجموعة الفرعية M من فيروسات نقص المناعة المكتسب له علاقة بتوافر الظروف الملائمة للفيروس لا بقدرة تلك الفيروسات على التحور من أجل الانتقال إلى الإنسان والنمو بداخله. وأنا على يقين من تلك الفرضية سوف تثير نقاشا هاما وفعالا في هذا المجال.”
في المقابل، قال أندرو فريدمان، الطبيب الباحث في علم الأمراض المعدية بجامعة كارديف، إن “هناك دراسة يبدو أنها توضح جليا كيف انتشر فيروس نقص المناعة المكتسبة في منطقة الكونغو قبل أن يُعرف الفيروس بأنه مرض وبائي في أوائل الثمانينيات.”
وأضاف أنه “كان من المعروف بالفعل أن فيروس نقص المناعة المكتسبة ينتقل إلى الإنسان من بعض فصائل قرود الشمبانزي في تلك المنطقة من أفريقيا، ولكن تلك الدراسة حددت مكان قدر كبير من انتشار المرض في كنشاسا. إنها حقا دراسة مذهلة.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى