نفاق تايم !

الكاتب : مُشير الزيادي 
في الأمس القريب كنت عائدا من المستشفى مرتديا الزى الرسمي, فاتصل بي الوالد حفظه الله ليطلب مني الذهاب إلى احد الدوائر الحكومية, لمتابعة معاملة ما فحصل التالي باختصار دون المرمطة والكلام الزائد, أنا :السلام عليكم , لو سمحت عندي معاملة وهذا رقمها ابشوف اش صار عليها,الموظف: بنبرة موظفي الدوائر الحكومية المعروفة, وقد بدت عليه ملامح الطفش ( ممنووووع تشوف المعاملة ) أنا: طيب إنا ابغي اعرف هل صدرت من عندكم ولا لا بس الموظف : ليش تبغى تعرف ؟ أنا: ؟! الموظف: بعد أن انتبه لسخافة دمه, طيب دق على هذا الرقم بعد أسبوعين نعطيك رقم الصادر, ذهبت للبحث عن موظف أخر محترم في محاولة يائسة, للتنقيب عن المعاملة فسألت بطريقة البريئين مجموعة من الموظفين : إلي يبغى يستفسر عن معاملة فين يروح ؟ وبعد تحقيق سريع اخبروني انه ممنوع أيضا .
في هذه الأثناء قفزَ احد الموظفين وقد بدت عليه علامات الرغبة في تبادل المصالح, بعد النظر لبطاقة دخول المستشفى وقال لي: أنت تشتغل في المُستشفى الفلاني ؟ أخبرته بعد تفكير سريع ومشاورة ذهنية, ويقيني بان خلف هذا السؤال تبادل مصالح بحت : ايوه انا دكتور في المستشفى  ( وكالعادة طبعا سألني ..أنت سعودي ؟) الموظف : والله نحن نفتخر بكم أبناء البلد والله يوفقكم وووو  الخ, من النفاق الطيب المنتقى بعناية ودخل في الموضوع, ياخي عندي الشايب عنده صداع, محد عرف له وابغى تحويل للمستشفى التخصصي, بس الدكتور عنيد ورفض أن يعطينا التحويل وأنا ادري هي ما يبيلها إلا ختم توحي ؟ قلت له وبابتسامة صفراء واثقة هي صعبة بس ابشر أحاول لك فيها, بعد ذلك بدأت أنا بالنفاق السريع: شكلك رجّال طيب وبتساعدني في موضوعي,  الموظف: تامر أمر عطني رقم المعاملة  والاسم وأنا أشوفها لك !!
هذه قصة قصيرة حدثت في احد أركان دائرة مسؤولة, جعلتها مدخل للموضوع الذي ارغب في التحدث عنه طويلا, بصراحة لم أكن أتوقع أن النفاق انتشر في مجتمعنا بسرعة, كالسرطان بل أخبث وأسرع مما تعلمت عن أنواع السرطانات,دهشت من مسؤول ينافق على آخر ومن طالب على أستاذه, أو على طالب أخر ومن صديق على صديقه, أو حتى من طفل على والديه ليحصل على قطعة حلوى, طبعا أنا من كبار المنافقين أقولها وبكل صراحة وسعة صدر, لأنّي أصبحت أؤمن أن النفاق أصبح ضرورة حياتية, لابد منها فكما لاحظت في المحيط الذي اقضي فيه 8 ساعات يومياً,عدا أيام الإجازات فهي قصص نفاق أخرى, وجدت وبكل ما تعنيه الكلمة وببساطة, نافق تعش, نافق تحقق ماتريد, نافق لتتحصل على ابسط حقوقك ! تعجبت مما يحدث أمامي واتخذت قراري سريعا, كالعادة لاحصل على ( دورة نفاق مجانية تقام في محيطي العلمي يوميا والمدة غير منتهية ) .
لا أخفيكم سرا تعلمت بعض مهارات النفاق لان لدي الأسس مسبقا, مثل معظم بني البشر ولا أخفيكم علما أنني حققت نجاحا لا باس به, فقررت الاستمرار في النفاق والحصول على دورات أكثر في مجالات أخرى, لا يسعني الحديث عنها أتصدقون أنني قد تندمت كثيرا لاني لم أتعلم النفاق مبكرا !! رغم كل ذلك فإنني أتمنى شرف الحصول على براءة اختراع لامتلاك أداة سحرية, لاستئصال هذا السرطان من عقولهم وضمائرهم, تمنيت ذلك لأنّي أريد لمجتمعنا أن يرتقي أولا وثانيا, لكي لا تهضم حقوق إخواننا المتمسكين بمبادئهم, وترفعهم عن النفاق أو ممن يرسبون في تمثيلية النفاق, وفي نفس الوقت لا أتمنى أن يتحقق ذلك ! لماذا ؟
لأنها تضر بمصالحي الصغرى التي بنيتها حديثا, وأيضا لأنها ستكون مصائب كارثية لمعشر إخواني المنافقين المخضرمين, التي سأحدثكم عنها لاحقاً والاهم من ذلك كله, والمخيف الذي جعلني أتمنى ألا يجدوا العلاج للنفاق, هو أن هناك أناس كما علمت تقتات على النفاق وعلى قول المثل قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق, لذلك سوف اترك الأبحاث لعلاج هذه الظاهرة لمجتمعات أخرى متحضرة, نعود إلى كوارث النفاق تخيلوا معي ماذا سيحدث لو تحققت أمنيتي واستطاعوا استئصال النفاق ؟ ستسقط الوزارات وستغلق مجالس الشيوخ, بعضنا سيرسب في الاختبارات ( إن كنت تعلم بعض الطلاب يحصلون على درجات إضافية بتوصيات نفاقية مجهولة) سوف تطلق معظم النساء ويبكي الأطفال, اترك لكم المجال للتخيّل الان اعذروني فسأقوم بإرسال رسائل تهنئة خاصة ” لتزبيط “بعض بني البشر احتياطا للمستقبل بالعربي نفاق تايم وداعا .
 

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. توقفت مطولا عند ” أنت تشتغل في المُستشفى الفلاني ؟ أخبرته بعد تفكير سريع ومشاورة ذهنية,”
    هل سيقبل ؟! ام لا ؟!
    تمنيت الخيار الثاني ..
    كلنا نعلم أن الفساد والمصالح والفايتمينات قد بلغت مبلغها في مجتمعنا .. حقيقة لا غبار عليها
    لكن الأهم …
    كلنا نعلم مقولة غاندي (كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم )
    لأني أؤمن قطعا أن أصغر التحولات تأتي بأعظم التغييرات ..
    اقل القليل ان لم نستطع التغيير .. ان نطبق ( اذا ابتليتم فاستتروا )
    لا اعلم اذا وُضعت في نفس موقفك هل سأفعل مثلك .. او سأطبق قليلا مما أسلفت ؟!!
    نتمنى من الله أن يحدث التغيير والاصلاح على يد أمثالك من شباب أمتنا
    =)

  2. هذا التعليق يحتوي على جزئين، فالجزء الأول يحتوي على نقد للكتابة نفسها، و الجزء الآخر نقد للفكرة!
    كلمة نفاق هنا تم توظيفها لغويًا توظيف غير صحيح =)
    و أعزو ذلك إلى قلة القراءة باللغة العربية الفصيحة.
    ثم إن الموضوع مشوّه تمامًا. فمن أيّ قواميس اللغة العربية أتت كلمة “تايم” ؟!
    أما أسلوب الكتابة و الربط بين الأحداث لديك فكان قوي و جيّد بصراحة.
    أنت تحاول الترويج لفكرة الخداع بطريقة غير مباشرة، فمن فضلك المرة القادمة حاول أن تقرأ المقال قبل نشره عدة مرات للتأكد من خلوّه من الأفكار التي تُصنّف ضمن “الغزو الفكري السلبي”.
    لقد صُعقت بوجود أمثالك أحياء يُرزقون، و أسأل الله أن يجعل الطيبين للطيبات و الطيبات للطيبين و يبعد عن كل مؤمن و مؤمنة كل منافق و منافقة!.

  3. علاج الخطأ بالخطأ هو أكبر خطأ . والترويج لفكرة النفاق لا يأتي إلا من نفس مستسلمة مهزومة ليس لها مكان بين الناجحين .
    الوصول إلى النجاح الحقيقي يكون حسب المبادئ والأخلاق والوصول لأي غاية بطريقة تنافي المبادئ هو ليس نجاح .
    قال تعالى : ” ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون “

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى