الطبيب والإبداع توأمان
الكاتب : عبد العزيز بوقس
في الغالب ينظر المجتمع العام إلى الطبيب على أنه شخص مشغول بتخصصه, مرتبط بساعات عمله, منعزل عن المجتمع الخارجي, يبذل وقته و جهده في مهنته فقط, علاقاته الاجتماعية ضعيفة, لا يجد وقتا حتى بالاهتمام بأهله و أسرته, كما أنه عديم المواهب و الاهتمامات و لا يستمتع بوقته.
فهل هذا هو النموذج الصحيح للطبيب المثالي؟ .. بالطبع لا, بل ينبغي على الطبيب ألا تشغله مهنته عن واجباته و التزاماته أولا, و عن هواياته و مواهبه ثانيًا, فهما ملح الحياة و رونقها, كما أن الخروج إليها ثم العودة إلى عالم الطب فيه ترويح و تجديد للنفس و بالتالي العطاء بعقل أكثر صفاء, و كم من طبيب لم تقتصر بصمته في هذه الحياة في مجال الطب فقط, و كم من طبيب اشتهر بموهبته حتى صار حديث الناس فإذا تحدثنا عن الأطباء الموهوبين, فالحديث يطول و الشواهد كثيرة, ففي المجال الفني مثلا نرى ذلك الطبيب الفنان الذي أبهر الناس بمسلسلاته و ما تحاكيه من واقع مجتمعي بأسلوب درامي مميز إنه الدكتور يحي الفخراني.
و في مجال الأدب العربي يطل علينا الأديب الدكتور مصطفى محمود الذي أثرى الساحة الأدبية و الفكرية إبداعا يفوق الوصف, و لا ننسى أحد أهم رواد القصة القصيرة في العالم العربي الأديب الدكتور يوسف إدريس, قد يقول بعض الأطباء الآن بعد قراءة الأعلى من السطور أن الوقت لا يكفي أو أن الانشغال بموهبتي سيمنعني من الإبداع في تخصصي الطبي, قأقول له ما رأيك برجل كان طبيب زمانه بل و زماننا بل كان يلقب بشيخ الأطباء هو من ابتكر لنا خيوط الجراحة و مع ذلك كان شغوفا بالفلك بل ألف فيه مؤلفات ! إنه العالم أبو بكر الرازي و ما رأيك بابن النفيس الذي برع في اللغة و الفلسفة و الفقه و الحديث , إلى جانب الطب !!
كيف يقضي مثل هؤلاء يومهم الذي يحتوي على 24 ساعة فقط لا غير, أعتقد أن أحد أسرار هذا الإبداع و أهم أسلحة هذا التفوق هو إدارة الوقت, و هو ما نفتقده اليوم.
فهل تتفقون معي؟