الكاتب : عبد العزيز بوقس
حياة الطبيب هي تلك الحياة التي لا تخلو من المتاعب و المصاعب و الحواجز , مختلفة الأحجام و الأشكال , متعددة النواحي و المجالات , تبدأ معه من أول يوم في الكلية , و تستمر حتى لا نهاية, و لا يخفى عليكم معشر الأطباء , ما تسببه هذه الحواجز من أثر سلبي كبير , إما تثبيطا لعزيمة,أو بذل مضاعف للجهد , و بالتالي يضعف العطاء شيئا فشيئا , و تقل الإنتاجية , و من ثم الجودة و أخيرا , يولد لدينا ما يسمى بـ ( الأخطاء الطبية ) .ومن أهم هذه الحواجز , هو اهتمام أصحاب القرار في مجال الطب بالكم دون النظر إلى الكيف !!
و سأورد لكم بعض الأمثلة و الحواجز التي توضح ما أقصده بالضبط :
1/ نظام الدراسة و مناهجها المعتمدة على ” الحشو ” , يمر طالب الطب في كليته بسبع سنوات عجاف, محاصر فيها من أمامه ومن خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوقه و من تحته بمعلومات لا عد لها و لا حصر , ثم يكتشف بعد التخرج , أنه لا يحتاج لهذا الكم من المعلومات أو على الأقل كان يمكن أن يتلقاها بطريقة أفضل, و ما كان تخفيض بعض الدول المتقدمة لسنوات الطب إلى خمس سنوات إلا دليل على أن هذا الجيش من المعلومات يمكن أن يختصر .
2/ في المحاضرات نلاحظ كثيرا أن هم الدكتور هو ضخ أكبر عدد ممكن من المعلومات في ظرف ساعتين , سواء كانت مهمة أو غير مهمة , سواء فهم الطلاب أم لم يفهموا , المهم أنه بلغ الرسالة و أدى الأمانة من خلال إلقاء هذه المعلومات في شرائح البوربوينت التي طالما عانت و أثقل كاهلها, و من ثم قراءتها كما هي تماما كقارئ الرسائل النصية, لا زلت أذكر بعض المحاضرات الكئيبة التي تحمل 120 شريحة !! أو أكثر .
3/ نظام المناوبات “ الأونكولات “ في هذا النظام ( اللابشري ) المطلوب منك عزيزي الطبيب هو التواجد في المستشفى لمدة 24 ساعة قد تصل في بعض المستشفيات إلى 36 ساعة, لا يشترط فيها أن تكون يقظا أو نائما , مستوعبا أو مركزا المطلوب هو التواجد البدني فقط , أما العقلي فـ“ مش و لا بد “ , الجدير بالذكر أن هذا النظام في الدول المتقدمة طبيا قد أصبح جزءا بل نكتة من الماضي و لا زلنا نعيشه حاضرا مؤلما, و أخيرا نقول من سيصلح الأمور ؟ ليصبح الكيف أهمّ من الكم و يعود الطب في مجتمعنا ” ربيعا “نحن في انتظارك يا ” بوعزيزي “ الطب .