أمسكت بطرف معطفي الأبيض وقالت..!
الكاتب : عصام العبد الله
دخلت ذات مرة على إحدى المريضات الكبيرات في السن, والتي يفوح من جنباتها بوح الحكمة وعمق التجربة, فلما انتهيت من تقييمي لها وأردت المغادرة, أمسكت بطرف معطفي الأبيض وقالت : “ يا ولدي لا تذهب فلدي ما أقوله لك“ تبسمت وقلت لها : ماذا لديك يا خالة, هل تعانين من شيء مستجد ؟ أم أن أحداً ما قد أزعجك ؟ قالت : لا شيء من ذلك فقط لدي حديث جانبي لك, قربت إحدى الكراسي وهممت بالجلوس, فتابعت قائلة : يا بني لقد أنعم الله عليكم أن وضع حاجة الناس في أيديكم, فلا تردّوها بمنٍ أو أذى فهممت بمقاطعتها فتابعت قائلة : اصطبر حتى أكمل ! ولا تخف فلم أجد ها هنا إلا كل خير ومعاملة طيبة, ولكنه حديث في نفسي وددت الإفصاح عنه, توقفت تلتقط أنفاسها ثم تابعت : أنتم أعلم الناس بخفايا هذا الجسد, وما أودعه الله به من معجزات خلقية تفصيلية عجيبة, ومن المعلوم أن الإنسان كلما ازداد علماً ازداد تواضعاً, فلماذا نرى بعض الأطباء وقد اعتلت أنوفهم علينا ,والابتسامة لا نكاد نراها على وجوههم, أهذا هو شكرهم لله المتفضل عليهم !؟
قلت لها : يا خالة لعلها فتنة العلم ألمت بهم ! ردت علي بحزم : قل لهم إذن إن علمهم هذا على عظمته وسعته لا شيء, فهم في نظر الناس مجرد حمقى قد حفظوا بعض الصفحات لينالوا بها الشهادات, وتجد المرضى يتوددون لذلك الطبيب فقط دقائق كشفه عليهم وحينما يغادرهم , يتنفسون الصعداء أما لحظة ذكر اسمه في المجالس فإن الأنفس تضيق, وكلٌ ممسك بطرف لسانه خشية أن يتحدث فتطير حسناته منه, كل ذلك من أجل ماذا بالله عليك !؟ حاولت أن أهدئ من روعها فقلت لها : على رسلك يا خالة فإن طبائع النفوس تتغير, وإن العظماء كلما ارتفعوا ازدادوا تواضعاً وليناً, وما دون ذلك فهم كفقاعة صابون سرعان ما تختفي عن الوجود, والعبرة بالذكر الحسن فقالت لي : يا بني تودد للمريض وقابله بوجه حسن, مهما كان فظاً غليظاً معك واحتسب في ذلك الأجر والثواب, من رب العباد ورُب دعوة تأتيك من أحدهم تجد فضلها وميزانها يوم الحساب
وأنت الطبيب عيون الناس عليك فكن خير قدوة في لبسك وأخلاقك , وتذكر أيضاً أن معطفك الأبيض هو أمانة تضعه على ظهرك ,فأنت الوحيد الذي يأتمنك الناس على أعز وأغلى ما يملكون, فإياك ثم إياك أن تُفقدهم الثقة فيك, وتضع حرف الدال في غير مكانه حينها تذكر فقط أن عقابك سيكون مضاعفاً, قطع حديثها رنين جهاز النداء الذي في جيبي, فاستأذنتها في المغادرة, وشكرتها على وصيتها اللطيفة وقلت لها : لعلّ لنا لقاء آخر فحديثك ماتع عذب ابتسمت وقالت : إن مدّ الله في عمري, حينها استيقظت فجأة من نومي وحمدت الله على حلمي
جميلة القصة .. تخيلت لحظاتها وعشت كلماتها حتى آخر كلمة واكتشفت أنها حلم .. دمت بخير …
روعة حروفك سيدي
تهز الوجدان
تحية لتلك الحروف الانيقة
وتحية لهذا النبض الرقراق
دمت بود
الكتابة ركيكة بعض الشيء، يفتقر إلى حبكة القصة
رائع استفدت كثيييير ونمت في نفسي روح التواضع شكرا