الكاتب : حُسام الحربي
أذكر أن أحد أهم المبادئ التي نشأت عليها هي,جملة والدي المفضلة “ الفلوس اللي ما تعزني مابيها “ ولدت وترعرت على هذا الأساس،ولكن مع مرور الوقت وتكالب المواقف والأحداث وتراكم الخبرات المكتسبة من مواقف الحياة,قد تكون الصدمة عندما تكتشف أن المال وحده فقط لا يغنيك أحيانا دون مساعديه من الحظ الوفير والواسطة اللطيفة في رحلات “الخطوط الجوية العربية السعودية“, فلابد لك أن تبدأ بمكالماتك الهاتفية والبحث عن واسطاتك وتحضير عدتك وعتادك, قبل الدخول في حرب البحث عن رحلة على متن هذه الخطوط, و عليك ان تضع نصب عينيك أنك لن تجد رحلتك التي خططت لها لأنك سترضخ للأمر الواقع وستختار أقل الأضرار وأنسب الخيارات الممكنة لك كعميل بسيط بلا واسطة و قد يكون ( احلى ) اختياراتك تلك ( مُراً ) فإما أن تختار رحلة غير التي تريد أو أن تستقل سيارتك الخاصة .
وبعد أن تختار ما قسمه الله لك من الرحلات و تحضر للمطار قبل الرحلة بمدة كافية,ستتفاجئ بأكوام البشر التي تريد استخراج كرت صعود الطائرة أو شحن أمتعتها, وقد شكلت هذه الحشود شكل نصف دائرة ( قُطْرها هو خط وهمي يصل بين أبعد مسَافرَين عن موظف الخطوط ) الذي سيستخرج تلك البطاقات، متبعثرين عن يمينه ويساره وذلك لأنهم لا يحملان مقومات المسافر المثالي من طول فارع وعرض أكتاف فازع, فيكونا من الصغار إما عمراً أو جسداً أو كلاهما ويمثل مركز نصف قطر الدائرة أو ما يسمى بـ (نق) هو جهاز الحاسب الآلي المسكين,المغلوب على أمره الذي تلتصق به كل التهم حين يخفون حيلهم, تلك تحت مسمى ( أخطاء النظام و عطل فني به ) , فتضطر للانتظار وسط هذه الأكوام البشرية لمدة قد تكون كافية لقراءة كل رسائل جوالك, وتنظيف محفظتك من الفواتير وقصاصات كشف الحسابات البنكية وإلقاء نظرة خاطفة لأظافرك, و بعد مدة زمنية ما يحين طورك لأن تقف امام موظف الخطوط, ليستقبلك هو الآخر بابتسامته الصفراء المعتادة – إن وجدت هناك ابتسامة أصلا- ليقوم بانهاء اجراءات سفرك, بتكشيرة لطيفة بعد ابتسامته الصفراء متناسيا حفظه الله ورعاه أنه لم يوجد في هذا المكان, إلا لخدمتك أنت كمسافر أولاً و كمواطن يستحق معامله راقيه ثانيا و ثالثا وعاشراً, وأن مرتبه الذي يتقاضاه هو ما أدفعه أنا وهو وهي من المسافرين من اجور باهظة .
وفي الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل التراجيدي, وعندما تصعد سلالم الطائرة وتبرز بطاقة صعود الطائرة للمضيفة, التي قد تكون أول من يستقبلك لتبحث أنت وهي عن مقعدك المصون والذي حاربت للحصول عليه, لتكتمل المعاناة بوصول صوتها و هي تقول لك : سوري بابا هادا كورسي في هورمة يجلس ! و تبدأ من جديد معاناة اخرى, و هي لعبة الشطرنج الجوي من تغيير مقاعد وتبديل ركاب, ليهنأ المسافر ذو العائلة الكبيرة الذي لم يحاول يُسيّر ظروفه وفقاً للوقت, كي يتسنّى له ان يحضر مبكرا و يحجز مقاعد متجاورة له ولأفراد اسرته, وتضطر احياناً لأن تغيّر مقعدك مراراً وتكراراً ليهنأ اصحاب العوائل بجوّ أسري في رحلة الـ ٤٥ دقيقة .
نبضة ” يبه اعذرني ، بس الفلوس لحالها مو دايم تعزّ صاحبها “