الكاتبة : أشجان المسعودي
قد تتبادر إلى أذهانكم الكثير من التفسيرات بمجرد قراءة العنوان,كيف لنظراتي أن تعكس ذاتي ؟! هذا السؤال الذي استغرقت الإجابة عليه ساعات وأيام, وربما سنوات من الحيرة و التفكير ومواجهه صريحة مع الذات, وقيمها كما هو الحال عند الكثيرين وخاصة كل من يعتبر الاختلاط جزءاً أساسيا من عمله, بدأت التفكير بهذا الموضوع منذ أن حطت قدمي على أعتاب كلية الطب, وازدادت استفهاماتي وحيرتي بالسنة الرابعة عند بدء التدريب بالمستشفيات, كيف لي أن أتعامل مع الجنس الآخر ؟ التعامل يتطلب كلاما أو على الأقل استماعا يصاحبه تواصل بصري فكيف يكون هذا التواصل و ما هي آدابه وفنونه .
معركة شائكة ولكنها معركة من نوع خاص, فهي ليست بين طرفين وإنما بين أطراف لامنتهية , أحدها الفطرة و الشخصية التي تحارب لتثبت نفسها, في حين تمارس ثقافة العادة ضغوطاتها بتفنن وتزمت, لا يقبل النقاش ويقف الشرع حازماً واضحاً في ظل احتدام الصراع ليقول كلمته .
التواصل البصري أو ما يطلق عليه بالـ(eye contact)
فن يحتاج إلى احتراف و يخطيْ من يعتقد غير ذلك, المشكلة بالنظرات أن كل شخص يفسرها بطريقته, بل ويقتنص البعض الفرص ليسيء لصاحب النظرة، نحن في مجتمع النــاس فيه غير الناس و الطباع غير الطباع, و القيم التي عشنا نربيها بداخلنا غير القيم, نظرتك البعض يراها جرأة أو قلة أدب, والبعض الآخر يراها احتراما له فكونه يتحدث معك و أنت تنظر إليه فهذا يدل على اهتمامك بما يقول، ويراها آخرون أمراً محرما فالواجب غض البصر, صحيح أن رضى الناس غاية لا تدرك ولكننا لا ننكر أننا جزء من المجتمع, فكيف نتصرف نحن من وُضعنا بموقف يتطلب التواصل مع الجنس الآخر, ما التصرف السليم واللائق والذي يرضي الله قبل أن يرضي الجميع ؟!
يكمن السر في شيئين : سبب التواصل ، وطريقة النظرة
قد يكون سبب التواصل للضرورة كالدراسة والتعلم ، المناقشة بموضوع مهم يشترك فيه الشخصين بمكان عام ودون خلوة، أو التواصل لانجاز أعمال تخدم الإسلام والمسلمين وأصحاب هذه الأهداف السامية, حري بسمو أخلاقهم الترفع عن الوقوع في المحظور ولكن يبقى عدو الإنسان اللدود(الشيطان), حريصا على عمله ومنجزاً لوعده (فبعزتك لأغوينهم أجمعين) ولكننا سنرقى لنكون مِن مَن وقف الشيطان عاجزاً عن إغوائهم, قائلا (إلا عبادك منهم المخلصين) عندها فقط تكون ضرورة التواصل البصري مقبولة عقلاً و شرعاً ولكم الرجوع بهذا الحكم وسؤال أهل العلم .
أما عن طريقة النظرة فلا احد ينكر أن للنظرات أنواع، ولكل نوع تفسير ولعلي أن أتطرق هنا إلى النوع المحمود منها وهو النظرة العامة, بدون تدقيق بالتفاصيل أثناء التواصل مع الجنس الآخر, وهي تختلف بكل تأكيد عن النظرة الممحصة و المدققة, واقصد النظرة للشخص الذي تتحدث معه لا المحيط بمعنى انه من الجيد أن تكون دقيقا بنظرتك لمحيطك،لأعمالك، للأشياء المحسوسة من حولك فتلك الدقة مطلوبة, لاكتشاف التفاصيل الدقيقة بعملك فتقع عينك على الأخطاء, لتعدلها وعلى النواقص فتكملها أفضل من أن يكتشف غيرك الخلل فتقع بالحرج, أما النظرة العامة المحمودة التي قصدتها فهي نظرتك للجنس الآخر .
فمتى ما استطاع الشخص أن يطبّق هذه النظرة عند وقوع الضرورة, ومتى ما راقب الله في حركاته وسكناته كانت النظرات المتبادلة دليلاً على الاحترام والتقدير, لما يقال ويعكس احترام الشخص لمن حوله فيفرض على الجميع احترامه, و ما هذا المقال إلا عصارة بحثي عن الموضوع وخلاصة سنوات من التجربة, محاولةً أن أضع يدي على موضوع نمر كلنا به كأطباء, ما كتب مجرد وجهة نظر لكاتبة سخرت قلمها لنقل الواقع الذي تعيشه ويعيشه من حولها .