ياء الملكيّة و تدريس الطبّ بالعربية !
الكاتب : عبدالحميد البرّاق الحازمي
للعربيّة مكانة في قلب كلّ مسلم, و لحنٌ ساحرٌ لدى كلّ فنّان, و حرفٌ مُبهرٌ لدى كلّ أديب , إنّما – حاليّا – سُلخت عن جسد غالبيّة العلوم بفعلِ متحدّثيها قبل غيرهم من ” المُتسببين ” , و أصبحت لغة مهمّشة في تلقي العلومِ و تلقينها, و استُبدلتْ هنا – و في غالبِ الوطن العربيّ – باللغة الانجليزية, في تدريسِ العلوم الطبيّة , مما حدا ببعض الأصوات في الفترةِ الأخيرة , أن تنادي بتعريب العلومِ الطبيّة , و استخدامها في تدريس هذه العلوم, و بطبيعة الحال , لابدّ للبعض أن يتمثّلَ ” سلطان رمضان السّكري ” مُصرّحًا : (( أنــــا أعترض )) , إنّما هذه المرة في مسرحية اسمها ” اللّغة كبرت ” ! .
أجزم أن عددًا ليس بسيطًا من المطالبين بتدريس الطبّ بالعربية, دافعهم الأساسيّ هو حرف ” الياء ” في كلمة ” لغتي “, ذاتها ياء الملكية في : مكتبي , سيارتي , بيتي …. , هي طبيعة إنسانية مفطورٌ عليها , لكنّ ” المسخرة ” هي أنّ كثيرًا من هؤلاء تجدهُ يبدأ السلام على أصدقاءهِ بـ” هاي ” و يوافقُ كلامهم بـ” يب ” و يحلّ معهم الواجب بـ ” الكلاس ” و يغشّون معًا في ” الكويز ” و وقت الوداع , لا كلمة أحلى من ” باي ” , طبعًا ” النكتة ” هي عندما يُضيفون ( ال ) التعريف على الكلمات الأجنبية – كما ذكرت سابقًا – و ” يِتحِشِر ” عندما يُطلب منهُ قراءة نصّ لغوي و – للأسف – حتى عندما يقرأ نصًّ قرآنيًّا ! و تراهُ يحاول ” يفتِكرِ القرايه من أولها عشان يوصل للكلمة المنيّلة دي ” ! .
لا شكّ أن تدريس الطبّ بلغة المُتحدثِ يُساهمُ في الفهمِ الأعمق و التعلّمِ الأفضلِ و الأسرع له , فكما أورد الدكتور/ زهير السباعي أستاذ طبّ الأسرة و المجتمع بجامعة الملك فيصل أنّ : ” طالب الطب والطبيب كلاهما يقرأ باللغة العربية بسرعة تفوق بحوالي 43% سرعته في قراءة نفس النص إذا كان مكتوبا باللغة الإنجليزية كما أن استيعابه للنص باللغة العربية أفضل بنسبة 15% من استيعابه للنص باللغة الإنجليزية ” , و قِس على ذلكَ تطوّر أداءِ الطّبيب و إبداعه في مجاله .
اللّغة العالمية يحدّدها العالِمُ و كذلكَ المُنتصر , فنتيجة للطفرة العلميّة للغرب , و الاستعمار الذي سادَ عددًا من الدول العربيّة , فتمّ تنحية اللّغة بشكلٍ كبير عن مجالِ العلوم , و الاكتفاءِ بها ” مُشوّهةً ” في التواصلِ الحياتيّ ! و ذلكَ أدّى إلى قلّة المراجعِ الطبيّة العربية, إضافة إلى قِدمها و افتقارها إلى التجيد لشُحّ إمكاناتِ الترجمة المُتاحة, ناهيكَ عن الصعوبة التي يواجهها طبيبَ ” العربية ” عند رغبته بإكمال الدراسة بالخارج و نحوه , و من يستشهدُ بالجامعات التي تُدرس الطبّ بالعربية , فسيجد أن طلابها يبذلون أضعاف الوقت و الجهد في الترجمة و حفظِ المصطلحات الطبيّة – مرة أخرى – باللغة الأجنبية .
العربية لغةٌ ساحرة , بحرٌ يتسع لكلماتٍ لا حصرَ لها , فقبل أن نُعرّب الطبّ , علينا أن نُعرّب حياتنا , فهل هُناكَ عارٌ أشدّ من سخرية العرب بمن يتكلم منهم بــ ” الفصحى ” ؟! و إلى أن تعودَ العربيّة لغة العلمِ – كما كانت – فلنعرّب ألسنتنا قبل أن نعرّب علومنا, و حتّى نراكم ثانية فهذه ” إلى اللّقاء ” بالعربية .
جميل جداً أخي عبدالحميد حقاً فنحن نحتاج لتعريب ألسنتنا وحياتنا قبل تعريب العلوووم
كم انت رائع وارئق يا سيد عبدالحميد.
منطقي ومرتب وعقلاني .
الهم واحد يا عبدالحميد يداً بيد حتى تصبح العربيه سائده في كل حد
جميل جداً !
طرح راقٍ يحتاج أن يفهمه الكثير ، فإذا أردنا تعريب العلوم علينا أولا أن نعيد لغتنا إلى عصرها الذي كانت فيه من أساسيات العلم.
روؤؤعه …كلام في الصميم …آممم المشكله التعوؤؤد آو يمكن صآرت دآرجه ذي الكلمآت آكثر …بنحآوؤل نقلل منهآ …دآم قلمكـ مبدعآ ….~
كلام جميل اخي عبدالحميد وبالفعل لابد علينا ان نعرب السنتنا اولا قبل كل شيء
قال الشاعر حافظ ابراهيم :-
أَيهجُرنِي قومِي-عفا الله عنهــمُ ~~ إلى لغة ٍ لمْ تتّصلِ برواة ِ
سَرَتْ لُوثَة ُ الافْرَنجِ فيها كمَا سَرَى ~~ لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ
فهذا شاعرنا يشكي الحال ويرى ويسمع مايندى له الجبين والبعد عن العربية حبيبتي اللغة العربية عندما لبست الحجاب ( نزول القرآن بها ) غارت منها اللغات الأخرى وتحرشت بها لغتي التي ليست لها ذنب رفعت عليهم قضية لكن القاضي لم ينصفها اتهمها بالفسق والمجون فغلع حجابها فجعلها سافرة تخالط لغات أخرى تتعلم مفاسدهم حتى أصبحت مشوبة لا يفرقها أحد عن الأخريات حكم عليها بحظر التجوال إلا أثناء التلاوات فهل سيأتي اليوم الذي ينصفها القاضي وينتقم لها من شهداء الزور ؟
راق لي كثيرا كل الشكر أخ عبد الحميد الحازمي
لله درك كلام جميل جدا نشوفه في الfuture
اللغة العربية .. تشكوا هجرنا لها .. و بعدنا عنها .. حتى أننا ” تَنَكَّرْنا ” لها .. من أجل ماذا ..؟؟ من أجل لغة من
” استعمرونا ” في العصر الحديث فكرياً ..
و في القديم أرضنا العربية لنَهْبِهَا و تدميرها إقتصادياً ..
و يخططون ” لإستكمال ” استعمار ” ألسنتنا ” مستقبلياً ..
نحن نتحمل جزء فيما وصل عليه حالنا .. و الأجزء الأكبر في نظري يتحمله مُسَيِّرِي التعليم عندنا وكأنهم قرنوا تفوقنا و تطورنا بلغة غيرنا .. بصراحة عن نفسي ” متشائم ” و بشدة من رجوع ” لغة الضاد ” لصدارة اللغات
” تعليماً ” لأنها في صدارتها في غيره من المجالات لأن الله قد شرفها بخير كتبه ” القرآن ” ..
في ختام كلامي أود أن أقول : دائماً يا ابن البراق الحازمي يجبرني إبداع قلمك على ” الإنحناء ” لصاحبه و تقديم التحية .. دام إبداعك يا صديقي ..
ابدعت 🙂
اقف وقفة احترام واعجاب لأنامل أخرجت لنا مثل هذه المقاة الرائعة
الى الامام
/
مقال رائع ، ذا فكرة ، ومضمون هادف..
ورسائل في خضم الحديث .. موّجهة ومرشدة
الى حقن صوت من ينادي بغير علم ..
ومن يتكلم بغير فهم .. حقائق عديدة تطرقت اليها ..
وأجدت في التعبير عنها .. وفقك الله وسدد حَرفك ..
القراءة بغير اللغة الأصلية _ولو كنت متمكناً_ تحسب ضمن اللحظات المشحونة بالهمّ , لكنها واجبة . و مادامت المعلومة الطبية أو الهندسية ستصل , فمرحبا بالمعلومة على أي نسق لغوي .
قصة الزج بكلمات أجنبية داخل العربية _عني أنا شخصيا_ أرفع عنها الحرج , وأعدها من النيولوجيزم الذي لابد أن يحدث , أما قصة مطالبة البعض بتعريب المناهج في الحقيقة لم أكّون عنها رأياّ عاماّ بعد .
استمتعت جدا بقراءة المقال , جميل بحق الله , والأهم أنه قدّم إيضاحاً صافياً للفكرة .
شكرا لك , وابق بخير .
قُبيل أيام كان هذا الحديث الوارد بيني و بين زميلاتي بالصف .. فعلًا نحتاج للتعريب في دراسة التخصصات الصحية بشكل عام
مقال جدًا رائع , و كلام واقعي و منطقي بلا شك
يعطيك العافية
عبدالرحمن :
و علّ قومي يعقلون ..
سلمتَ أيها الجميل
حازم العباس :
أنتَ الر قيّ الذي يهتف في هذا المساء
لك كلّ التقدير عزيزي
إياد السويدي :
ننتظر و نرى ..
مساءك سعادة عزيزي
علي الجابري :
و هذا ما ينساه الكثير للأسف ..
لكَ الراحة هذا المساء
اكسجين مختلف :
لندعو أن يأتي اليوم الذي لا نركن فيه للعادة قريبا ..
مساءكِ سعادة
نحتاج لتعريب ذواتنا فعلا .. لست مهووسا بالعربية لهذه الدرجة فلا تهمني لغة المتحدث إنما يهمني إشاراته وابتسامته وأخلاقه ..
لا تهمني لغة الطبيب أيضاً وبأي لغة درس .. بل يهمني عمله 🙂
شكرًا عبد الحميد .. فقلمك رائع جداً ..