عميد طب القصيم يروي لنبض تجربته مع الترجمة وحصوله جائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة
مجلة نبض (سامي الرشيدي): تستكمل نبض سلسلة لقاءاتها حول مناقشة ترجمة المناهج الطبية وتدريس العلوم الطبية بالعربية، وتستضيف عميد كلية الطب بجامعة القصيم أ.د.عبدالله الغشام لعرض رأيه وتجربته حول الموضوع وحصوله على جائزة خادم الحرمين العالمية لترجمة العلوم، فكان لنا معه هذا الحوار..
د.عبدالله من الملاحظ مؤخرا تراجع استخدام اللغة العربية, وإدماجها بمفردات أجنبية. برأيك ما الأسباب وراء ذلك؟
اللغة العربية غنية بالمفردات والقصور ليس في اللغة وإنما من المتحدثين باللغة. وقد كانت هناك حركة كبيرة في التعريب في مطلع القرن الماضي ولكنها ضعفت، وكان هناك دور كبير لمجامع اللغة العربية في التعريب. و للأسف بدا دور مجامع اللغة العربية بالانحسار وينحصر في تعريب الألفاظ والتراكيب الأجنبية لتصبح حبيسة المعاجم لا تستخدم في الحياة اليومية.
وأسباب الترجمة كثيرة منها:
أن النهضة العلمية و الصناعية الغربية فرضت نفسها في استخدام المصطلحات الأجنبية و الانفجار المعلوماتي يجعل من الصعوبة مسايرة المصطلحات، وكذلك اختلاف مجامع اللغة العربية وضعف التنسيق بينها و عدم وجود مرجعية موحدة للمصطلحات العربية العلمية. و الانفتاح الثقافي و الإعلامي – بشتى صوره – والانتشار السريع للسلع والمنتجات لم يواكبه تعريب سريع ، مما أدى إلى شيوع استخدام الألفاظ الأجنبية. ومنها ضعف الإرادة والرغبة في القرار السياسي في التعريب بل و محاربة اللغة العربية ونشر اللغات الأخرى كما في بعض بلدان المغرب العربي. والسبب الرئيس في ضعف التعريب هو ضعف الأمة فنحن شعب مستهلك للحضارة والثقافة لا صناع لها لذا نستخدمها بمصطلحاتها.
وهناك عزوف عن الترجمة لأن الترجمة صعبة لها قواعد و أسسا و مناهج لا يجيدها الكثير، كما أن المترجم يجب أن يكون عالما بالمصطلحات العلمية الخاصة بموضوع الترجمة. والترجمة لا تكون حرفية لان في هذا إخلال بالمعنى وتجعل الأسلوب ركيكا كما أنها لا تكون بترجمة الأفكار.
ما مقترحاتكم للنهوض في حركة الترجمة؟
التعريب لا يعني رفض العلوم والثقافات بل الافادة منها، وقد كانت بداية نهضة العرب بترجمة علوم الفرس و اليونان والرومان.
وقد أدى ضعف الترجمة للكتب و الأبحاث العلمية إلى تدريس العلوم في الجامعات باللغات الأجنبية.
ومشروع التعريب طريق طويل يجب أن يواكبه إرادة سياسية ومشروع حضاري شامل يتطلب تنسيق كافة الجهود من الدول العربية. و مشروع تعريب العلوم يتطلب الدعم من الجامعات في إنشاء مراكز للتعريب و إنشاء قواعد بيانات لمراكز الترجمة ، والقيام بوضع قوائم للمراجع ذات الأولوية في الترجمة و تكون هناك خطط على المدى القصير و البعيد لترجمة أهم المراجع و المؤلفات العالمية. ويجب تشجيع الترجمة كما كانت تشجع ترجمة العلوم في العصر العباسي. و من تشجيع الترجمة إنشاء جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة و التي تأتي من منطلق مد جسور التواصل الثقافي بين الشعوب و تفعيل الاتصال المعرفي بين الحضارات و الإسهام في نقل المعرفة للعربية.
أرجو الحديث عن تجربتكم في الترجمة و حصولكم على جائزة الملك عبدالله للترجمة..
تم منحي جائزة الترجمة في العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى العربية بالمشاركة مع الدكتور يوسف أحمد بركات في مجال العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية (مناصفةً) لترجمة كتاب «مبادئ تغذية الإنسان» من اللغة الإنجليزية لمؤلفه مارتن ايستوود. و الكتاب من إصدارات النشر العلمي و المطابع بجامعة الملك سعود ويقع في جزأين في 1180 صفحة من القطع الكبير. و ترجمة هذا الكتاب عمل كبير استغرق قرابة العامين، و كانت و لله الحمد تجربة مفيدة و مثمرة. و كان هناك بعض الصعوبات التي واجهتنا أبرزها عدم وجود مرجعية موحدة للمصطلحات العربية الطبية و العلمية و استمرت هذه المعاناة بعد انتهاء عمل الترجمة أثناء المراجعة مع المحكمين، لأن كلا منهم له مرجعيته و مدرسته الخاصة في الترجمة. و قد اعتمدنا بشكل أساس على المعجم الطبي الموحد و قاموس حتى الطبي و المورد. الترجمة تتطلب الأمانة العلمية , و الدقة في اختيار الألفاظ و النقل الدقيق للفكرة دون أن تمس الفكرة الأساسية للمؤلف الأساسي .
تعليق واحد