الكاتب : مصطفى مقلية
لا يكاد يوجد إنسان إلا وله هدف يحاول الوصول إليه ، سواء كان في دراسة أو وظيفة أو علاقة أسرية أو غيرها وغالبا ما يكون المفهوم الشائع – وليس الدقيق تماما – للنجاح هو الوصول إلى ذلك الهدف أيا كان, ومن أفضل الطرق التي تعين على الوصول إلى الهدف هو معرفة الوسائل التي يستطيع بها الإنسان الوصول إلى هدفه ، سواء بسؤال الغير أو الاقتداء بشخص وصل إلى نفس الهدف أو حتى القراءة في سير الناجحين وسبل تحقيق النجاح, ومن الذين اتبعوا طريق القراءة في سبل تحقيق النجاح ستيفن كوفي مؤلف كتاب ( العادات السبع للناس الأكثر فعالية ) حيث لفت نظر القراء إلى أمر مهم خلال البحث والسعي لتحقيق النجاح :
“ فإن الكتابات التي تناولت النجاح كانت تركز على ما يطلق عليه المبادئ والقيم باعتبارها أساس النجاح – مثل التكامل والتواضع والوفاء وضبط النفس والشجاعة والعدل والصبر وحب العمل والبساطة, فهذه القيم الأخلاقية مبادئ أساسية نعيش بها حياة فعالة ، وأنه بإمكان الناس أن يجربوا النجاح الحقيقي ويذوقوا طعم السعادة فقط إذا تعلموا هذه المبادئ وجعلوها جزءا لا يتجزأ من شخصياتهم الأساسية “
وهذا الكلام ليس بغريب علينا في شريعتنا الإسلامية ، فقدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتحلى بجميع الأخلاق السابقة بل وأكثر منها, ولذلك فقد كانت عنصرا مهما في نجاحه في نشر الرسالة السماوية والأمانة الثقيلة التي ألقيت على عاتقه بنشر هذا الدين واستمراره إلى قيام الساعة, ونجاح الشخص الذي يتحلى بمثل هذه الأخلاق هو أمر غير مستغرب ، حيث أن الشخص الناجح والحقيقي غالبا يكون محبوبا وله شعبية كبيرة بين الناس, والناس ترتاح وتثق بمن يتحلى بمثل هذه الصفات بل إنها تدعو له وتساعده في طريقه للوصول إلى هدفه, ومن تخلى عن هذه المبادئ والقيم فإنه سيكون فقد أحد أهم عناصر النجاح الحقيقي وأهم السبل المعينة له على الوصول إلى هدفه , وحتى لو وصل إلى هدفه متخليا عن المبادئ والقيم فإنه لا يلبث كثيرا لأن كره الناس له وسخطهم عليه سيكون عائقا أمامه في سبيل تحقيق النجاح, وقد ضرب ستيفن كوفي مثلا للذين يحاولون أن يسلكوا طرقا مختصرة للنجاح بقوله :
“ هل فكرت يوما كم هو سخيف أن تنسى وضع البذور في الأرض في فصل الربيع وتظل تلهو في فصل الصيف وعندما يحل فصل الخريف تتذكر الحصاد فتشرع في القيام بكل أعمال الزراعة الفائتة التي لم تقم بها في وقتها ؟ بالطبع هذا مستحيل لأن الزراعة ما هي إلا نظام طبيعي يتطلب بذل الجهد في البداية لتجني الثمار في النهاية, فأنت دائما تحصد ما تزرع يداك ولا مكان للطرق المختصرة في هذه الرحلة “
وهذه سنة الحياة ، فالذي يجتهد ويتعب حتى يصل إلى هدفه هو الذي يرجى له الوصول إلى هدفه, بعكس الذي يكون غافلا ولاهيا ولاعبا ثم قرب فترة الحصول على النتائج بوقت قصير يبدأ في بذل كل ما بوسعه – حتى وإن كانت طرقا غير مشروعة – لكي يصل إلى نفس الهدف, فهذا أمر مخالف للسنة الإلهية وبعيد كل البعد عن تحقيق النجاح الحقيقي حتى وإن حقق صاحبه نجاحا مؤقتا, ولذلك كانت عبارة ( الغاية تبرر الوسيلة ) عبارة خاطئة، وهذا الحكم عليها يأتي لأنها مخالفة للسنة الإلهية والطبيعة الكونية التي وضعها الله سبحانه وتعالى في الأرض وهو سبحانه العالم بالطريقة المثلى لعمارة الأرض وكيفية تسخيرها لمصلحة الإنسان .