الكاتب : د.بندر سليمان
تخرج كل يوم علينا حكاية أبشع من سابقاتها من مجرمين تجردوا من إنسانيتهم فقاموا بأفعال يستغفر من إثمها إبليس اللعين ويجزع من فظاعتها كل شيطان مريد ، والقاسم المشترك بيت كل تلك الجرائم هم ضحايا أبرياء ومدنيين ليس لهم في كل تلك الجرائم أي ناقة أو جمل .
سمعنا عن “آندرز بيهرنج” عندما قام بالذهاب إلى جزيرة صغيرة (عبارة عن منتجع صيفي) وفتح النار على كل من رآه في وجهه دون أي تمييز فقتل٧٧ نفساً . وبعده “شيونغ هيو تشو” الذي قام بفتح النار داخل الجرم الجامعي في جامعة فريجينيا للتكنولوجيا فقتل أكثر من ثلاثين طالباً وأكاديمياً ، ومن ثم قتل نفسه بإطلاق النار على وجهه . وأخيراً عندما قام “جيمس هولمز” قبل عدة أيّام بحمل أربع بنادق وأكثر من ٤٠٠ رصاصة بعد أن لبس واقي للرصاص وقام بفتح النار داخل سينما فأصاب وقتل أكثر من ٧٠ شخصاً في أقل من دقيقة ، بل وقام بتفخيخ شقته السكنية لينفجر الباب في وجه الشرطة إذا ماقامت باقتحام شقته بعد اعتقاله ، وقد حدث . ويجب هنا أن نؤكد على أن كل هذه الأحداث تمت في مجتمع مدني مسالم بعيداً عن النزاعات والحروب المسلحة ، فكل ضحايا تلك الجرائم مدنييون .
وإن قرأت عن أخبار أولئك المجرمين في الصحافة المرئية والمسموعة لم تسمع بأنهم سوى مجرمين ، متمردين ، تخريبيين ، معتلون عقلياً وأي من تلك الألقاب التي غالباً مايمكن أن تجد لها تبريراً طبياً أو قانونياً أو حتى تعاطفياً .
فالمجرم الأبيض البشرة عندهم مهما بلغت أفعاله ومصائبه من فحش وفضاعة يقع تحت دائرة المرضى النفسيين والمساكين الذين يجب أن نفكر في آلية علاجهم وتحرير نفسياتهم المسجونة خلف قضبان تجاربهم المريرة التي مروا بهم وهم صغار . وإما إذا كان ذاك المجرم من أصحاب البشرة السوداء فهو حتماً مجرم عتيد وفرد من عصابة كبيرة . وطبعاً لايهم كونه كبيراً أم صغيراً ، متعلماً كان أو جاهلاً ، غنياً كان أو فقيراً ،،، فكل تلك الخصائص ليس لها أي قيمة .
أما هذا المجرم إذا كان مسلماً (وهنا بيت القصيد) فهو بكل تأكيد إرهابياً ، فدينه الإسلامي هو الذي حثّه على ذلك وكفى . ليس هناك أي حاجة لتبرير فعله أو دراسة سلوكه ، لايهم إن رمى حجراً صغيراً في وجه المستحلين الصهاينة في غزة ، أم تعثر وهو يمشي ليدعس صرصوراً صغيراً في جبال الهاملايا ، فهو في كلتا الحالتين إرهابيٌ يجب أن يتم تقييده بالأغلال والتخلص منه بأسرع وقت ممكن ، لأنه – بإجماع متشددي الغرب – مسلمٌ همجيٌ لا يحب الحياة ويكره الناس والمخلوقات الأخرى ويرى ضرورة إبادة كل من يتنفس دون تفكير .
كيف يسمح ذلك الصنف الكريه من البشر أن يجعلوا تصنيف الناس وتوزيعهم على مراتب وأنواع مختلفة من الأمور الاعتيادية بل والواجبة ، ثم يتحدثون بكل صفاقة وبرود وجه عن حرية التعبير والرأي ، وعن كيفية احترام الرأي الآخر . فيصبح نعت الناس بأبشع الألفاظ ضرباً من الحرية إذا كنت أبيضاً أو مسيحياً ، ويصبح من كلام الكراهية والعداء والبربرية والهمجية إذا كنت أسوداً أو مسلماً . وإن مما يزيد الحنقة ويرفع نسبة الضغط في الدم بعض الببغاوات في العالم العربي والإسلامي ممن تبنوا تداول تلك الألقاب بل وبصفة رسمية أيضاً وكأنهم سيخرجون من نطاق التصنيف العقيم الذي رسم حدوده أولئك الشرذمة الحاقدين .
ولم يعد هذا التصنيف التافه الهش يخفى حتى على المفكرين في شتى بقاع الأرض مهما اختلفت دياناتهم وأعراقهم ، فقد فاحت رائحة تلك الآيديولوجية المريضة ، وفاحت قبلها رائحة الإسلاموفوبيا حتى أزكمت أُنُوفَ الغرب قبل أنُوفنا . وأقرأ إن شئت ماكتب أحد الأمريكان أنفسهم يوم أمس عن تفاهة الوضع القانوني الحالي في أمريكا الذي يحمي حق البيض بشكل عام ويدين غيرهم .
والسؤال هو: أولم يحن لبعض من يتشدق بتلك الألقاب التعيسة من أبناء جلدتنا أن يستحي على ما بقي من ماء وجهه ويخلع قناع الغباء عن عينيه ؟؟