مجلة نبض-سامي الرشيدي:
الهيدروكينون .. مادة طال الجدل حولها، فمتى تكون خطرة وماهي النسبة الآمنة لاستخدامها، يحدثنا عنها في هذا المقال الدكتور أحمد الميمان عميد كلية الصيدلة بجامعة القصيم..
الهيدروكينون هو مادة كيميائية منتشرة الاستخدام ومتاحة في أشكال مستحضرات التجميل ووصفات تفتيح البشرة بشكل واسع. يعتبر الهيدروكينون واحدا من أكثر المواد فعالية كمثبط لصبغة الميلانين (الخلايا الصبغية) في التجارب المختبرية والتجارب الإكلينيكية. في الجرعات العالية يثبط الهيدروكينون أيض الخلية بشكل عكسي (قابل للرجوع لطبيعته), ويؤثر هذا على تصنيع DNA و RNA للخلية بل ويمتد مفعوله خارج خلايا الميلانين. لذا قد لا تقتصر الآثار السامة على الخلايا الصبغية فقط بل قد تمتد لغيرها. لحسن الحظ أن الجرعة المطلوبة لتثبيط عملية الأيض الخلوية هي أعلى من الجرعة المطلوبة للخلايا الصبغية. مما يجدر ذكره أنه تم اعتماده من قبل الهيئة الأمريكية للغذاء والدواء لعلاج التصبغ أو التلون الجلدي وفرط التصبغ.
من المعلوم أن هيدروكينون 2٪ في متناول الجميع دون وصفة طبية في مستحضرات التجميل المختلفة. ويلاحظ التحسن عادة بعد استخدامه لفترة 4-6 أسابيع، مع تحسن ظاهر جدا خلال فترة 4 أشهر. علما أن غالب المراجع العلمية تحذر من استخدامه أكثر من شهرين. يتواجد كذلك بتركيزات تصل إلى 10٪ للحالات الصعبة عند بعض الناس واللتي لاتستجيب للتراكيز البسيطة. لتحسين الفعالية، يتواجد في مستحضرات مختلفة لعلاج فرط التصبغ منها خلطه مع مشتقات فيتامين أ و مستحضرات الكورتيزون.
بالرغم من آمان الهيدروكينون النسبي في التراكيز البسيطة، يجب أن تضع في اعتبارنا الآثار الضارة المحتملة واللتي تشمل : الإكزيما التلامسية واللتي تحدث في عدد قليل من المرضى ولحسن الحظ فإنها تستجيب فورا للكورتيزونات الموضعية. قد يحصل تهيجات جلدية بسيطة على الموضع, وقد يحصل جفاف أو تشقق لطبقة الجلد الخارجية. كذلك, المحاليل المعلقة قد تكون بقع سوداء مزرقة على الجلد, يتوجب إيقافه مباشره عند حدوثها. من أهم الأعراض الجانبية للهيدروكينون هو ochronosis. ويتميز هذا الاضطراب بتفكك الكولاجين وتكسر الألياف المرنة للجلد ممايؤدي إلى ظهور بقع سوداء على الجلد تكبر شيئا فشيئا. غالبا ما يظهر هذا العرض على المرضى الذين استخدمه لفترة عدة أشهر أو عدة سنوات وبتراكيز أعلى من 2%, علما أنه وجد حالات منه ظهرت بتراكيز قليلة وفترات قصيرة ولكنها نادرة الحدوث. لذا تؤكد التوصيات البحثية أنه يجب إيقافه في حالة عدم التحسن بعد فترة 4-6 أشهر لتفادي حدوث هذا العرض الذي يصعب علاجه. مرة أخرى المراجع الدوائية لاتوصي باستخدامه أكثر من شهرين.
مما يجدر ذكره أن كثيرا من الخلطات الشعبيه وكريمات التبييض اللتي تباع بدون تراخيص يتم فيها خلط عدة مركبات وكريمات ومستحضرات صيدلانية كلها تحتوي على الهيدروكينون والكورتيزون ومشتقات فيتامين أ, مما قد يعطي مفعولا قويا مضاعفا يتعدى أثره خلايا الميلانين الى خلايا أخرى, ويضاعف احتمالية حدوث الأعراض الجانبية السيئة للهيدروكينون والكورتيزون. ومن المهم معرفته أن هذه الخلطات يتضاعف فيها مركبات ” السلفا” واللتي بدورها تزيد التهيج والحساسية والإكزيما التلامسية مما قد يفسد بدوره الفائدة المرجوة من العلاج. كذلك, الإفراط باستخدامه دون متابعة المختصين قد يفضي إلى ظهور الأعراض النادرة مثل التصبغات السوداء دون شعور المريض, واللتي يصعب علاجها حتى بالكورتيزونات الموضعية.
من التحذيرات العامة عند استخدامه هو عدم التعرض الزائد لأشعة الشمس لمنع زيادة التصبغ, وعدم وضعه قريبا من العين أو الجروح أو التقرحات, وعدم استخدامه بعد الحلاقة وذلك لتقليل الأعراض الجانبية ما أمكن ذلك. يجب عدم استخدامه في فترة الحمل ولايوصى به أثناء الرضاعة لعدم توفر المعلومات الكافية عنه. كذلك يوصى عند استخدامه لأول مرة, بوضعه على الجلد فترة يوم كامل لمرتين أو ثلاث بجرعات بسيطة للتأكد من كونه لايسبب أي حساسية قبل أن يتم استعماله بانتظام. في الختام أؤكد أنه يجب التدرج بإيقافه خصوصا أن غالبها يحتوي على كورتيزونات ويكون الإيقاف بشكل تدريجي بطئ لتفادي الأضرار العكسية للكورتيزون.