الكاتب: د.جمال طاشكندي*
لأن حياة الإنسان هي الأغلى دأب المتخصصون في علوم الطب وتدريسه على مراجعة فلسفة تدريب الأطباء وأصبحت الفلسفة التدريبية حاليا تركزعلى إجادة صنع القرار عند الطبيب والعمل الجماعي, وذلك من خلال مواقف إكلينيكية مرتبطة بالواقع الطبي.
حاليا أصبحت الحاجة لطبيب لا يرى في المريض علته الجسدية فقط, بل يرى فيه الإنسان الذي له أحاسيس ومتطلبات تتعدى المرض بعلاماته وأعراضه. حاليا يتطلب من الطبيب أن يتخطى دوره الى دور ما يسمى بـ( الخبير الطبي ) الذي يستطيع دمج جميع الأدوار الطبية، وتطبيق المعرفة والمهارات السريرية، والمواقف المهنية الإحترافية بحيث يكون المريض محورها ونقطة التركيز فيها.
وحتى يطلق على الطبيب ( خبير طبي ) وجب عليه لزاما إمتلاك الصفات الست المؤهلة لذلك وهي في كونه:
1. باحث ملتزم بالدليل العلمي, يطبقه و ينشره في مجتمعه الطبي, وينعكس ذلك في ممارسته الطبية اليومية.
2. محترفا أو مهنيا, يؤدى عمله بمهنية عالية وطوال الوقت من خلال الممارسة الأخلاقية، ملتزما بالنظم والقوانين الطبية، وعلى مستوى عال من السلوك الشخصي.
3. متحدثا أو مدافعا عن الصحة عموما, أي أن يتصرف كداعية يستخدام خبرته وعلمه لتعزيز صحة ورفاه الأفراد والمجتمعات, وجعل قضايا الصحة مهمته في الحياة.
4. إداري أو صاحب دراية إدارية صحية يشارك برأيه الفني التخصصي في القرارات التي تمس الخدمات والموارد الصحية ، أي المساهمة في فعالية نظام الرعاية الصحية وتوصيل صوته لدى صانعي القرار وأن يكون جزء لا يتجزأ منه.
5. متعاونا يعمل بفعالية ضمن فريق الرعاية الصحية لتحقيق أقصى قدر من الرعاية للمرضى.
6. محاورا يملك ويجيد القدرة على التواصل بشكل فعال مع مختلف الفرق لتسهيل العلاقة بين الطبيب أو الفرق الطبية المختلفة والمريض. خاصة وأنها غالبا ما تكون علاقة تبادلية متغيرة, والتي تحدث قبل وأثناء وبعد اللقاءات الطبية أو العلاج. وذلك حقا هو الجزء الفني الصعب في مهنة الطب!
إن مصانع ( الخبير الطبي ), ولا شك هي كليات الطب ثم البرامج الطبية التدريبية المتخصصة. والتي إن أحسنت الصنعة أحسنت المنتج وإن أساءت فهي تسيء لطبيب المستقبل والمجتمع. وتثبيت المفاهيم هذه يحتاج لجهد وعمل المتخصصين في هذا المجال, وكذلك نشرها بين أعضاء هيئة التدريس والتدريب ضمن آلية التعليم المستمر حتى لا تستمر الكليات في تخريج طبيب بصفات القرن الماضي.