مجلة نبض-أشجان المسعودي:
مرض الكلى المزمن (Chronic Kidney Disease) موضوع يلقي عليه الدكتور عبدالله هاشم المالكي استشاري أمراض وزراعة الكلى بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية-الحرس الوطني الضوء في مقالتين مستعرضا الكثير حول هذا المرض (انتشاره- بعض الاحصائيات – اسبابة – اعراضه – مضاعفاته- علاجه – بعض التوصيات)
تتركز وظيفة الكلى الرئيسية في تنقية الدم من السموم والسوائل الزائدة، وعندما تفشل الكلى تتجمع السموم والسوائل في الجسم لتنهكه. مرض الكلى المزمن (Chronic Kidney Disease, CKD) هو الإسم العلمي المستخدم حاليا ليكون أشمل من استخدام اسم “قصور الكلى المزمن” (Chronic Renal Insufficiency) أو “الفشل الكلوي المزمن” (Chronic Renal Failure, CRF). مع العلم أن مرض الكلى المزمن (CKD) يشمل خمسة مراحل تتدرج من تغييرات باثولوجية بالكلى ولكن مع وظيفة طبيعية إلى القصور والفشل الكلوي المزمن. وفي آخر المراحل تتدهور وظائف الكلى إلى فشل شديد يهدد حياة المريض ويستلزم التدخل بالغسيل الكلوي أو زراعة كلية.
يحدثمرض الكلى المزمن بسبب ضمور بأنسجة الكلى يصيب وحدات التنقية الكلوية. عندما نفقد جزء من هذه الوحدات الكلوية فإن المسؤولية على البقية تتفاقم مما يتسبب في إجهادها ومن ثم ضمورها. وهذا يعني مزيدا من الضمور وبالتالي نجد التدهور الى مرحلة الفشل الكلوي أمر متوقع. من هنا ندرك أن التشخيص بالقصور الكلوي المزمن يعني وجود ضمور في كلتا الكليتين حيث أن كلية واحدة قادره على المحافظة على صحة المريض.
ويسمى المرض أو القصور مزمناٌ للتفريق بينه وبين القصور أو الفشل الكلوي الحاد (Acute Kidney Injury, AKI) الذي لا يصاحبه ضمور بالخلايا الكلوية وتدهور بالقصور مع الوقت بل على العكس عادة تعود وظائف الكلى للعمل بعد العلاج. فمرض الكلى المزمن يعني وجود اعتلال في الكليتين لفترة زمنية طويلة أقلها ثلاثة أشهر. عادة لا يشعر المريض بأعراض المرض الا بعد الوصول لمرحلة الفشل الكلوي و تستغرق مدة تتراوح بين شهور الى سنوات قد تمتد إلى 30 سنة.
صورة-1: أشعة مقطعية توضح الفرق الحجم بين كلية يسرى في مرحلة الضمور وكلية يمنى طبيعية الحجم.
إحصائيات:
يعتبر مرض الكلى المزمن مشكلة صحية واسعة الإنتشار على مستوى العالم ومن الملاحظ زيادة عدد الحالات مع مرور السنوات فمعدل حدوث المرض تضاعف خلال الخمسة عشر سنة التي مضت. تشير الاحصائيات الحالية الى وجود اكثر من 2.5 مليون مريض عالميا بين الغسيل الكلوي و زراعة الكلى وهذا العدد يضم فقط المرضى في آخر مراحل المرض الكلوي المزمن. أما في مراحله الاولى فتشير التقديرات الى عشرات الملايين من المرضى على مستوى العالم.
يتسبب السكر والضغط في 66% من حالات الفشل الكلوي المزمن من الدرجة الخامسة. وبما أنهما أهم الأسباب فمن المتوقع اتساع انتشار المرض في الدول الاسيوية بشكل أكبر منه في دول الغرب وذلك لأن معدل الاصابة بالسكر في الدول الاسيوية هو خمسة أضعاف حدوثه في اوروبا ومعدل الإصابة بالضغط في الدول الاسيوية هو ضعف حدوثه في اوروبا.
يشكل علاج الفشل الكلوي عبء كبير جدا على اقتصاد الأفراد والمنظمات والدول. وذلك يتضمن المتابعة للمرضى وصرف الأدوية والعلاج البديل من غسيل كلوي أو زراعة كلى. عدد المرضى المحتاجين لزراعة كلى يفوق بكثير عدد الكلى المتوفرة للزراعة والمعاناة أسوأ في دول اسيا والدول النامية مما هي عليه في الدول الغربية والدول المتقدمة.
وفي احصائيات موثقة حديثة بالولايات المتحدة الأمريكية نجد أن أكثر من 10% (بمعنى 20 مليون نسمة) من السكان فوق عمر 20 سنه يعانون من مرض الكلى المزمن. تشير هذه الإحصائيات إلى أن النساء أكثر اصابة بالمرض من الرجال وكذلك مرضى السكر والضغط أكثر اصابه من غيرهم.
صورة-2: إحصائيات أمريكية لمرض الكلى المزمن 2010
الأسباب:
يعتبر مرض السكر وارتفاع ضغط الدم أهم أسباب مرض الكلى المزمن حيث يتسبب مرض السكر في 35% ويتسبب ارتفاع ضغط الدم في 30% من الحالات. نلاحظ أيضا أن عدم التحكم في السكر أو الضغط يزيد من سرعة تدهور قصور وظائف الكلى. تتضمن الأسباب الأخرى أمراض وراثية (كالتكيس الكلوي المتعدد؛Polycystic Kidney Disease ) وأمراض مناعية مثل التهاب الكبيبات (Gomerulonephritis) واالذئبة الحمراء (Systemic Lupus Erythematosis) وضيق أو انسداد المسالك البولية والتهابات الكلى وأمراض القلب وشرايين الكلى والمداومة على بعض الأدوية الضارة بأنسجة الكلى مثل بعض مسكنات الآلام (NSAIDs; voltaren, Brufen .. etc) والأعشاب وغيرها.
يمثل السكر والضغط كما أسلفنا أهم الأسباب لمرض الكلى المزمن نتيجة تأثيرهما على شرايين الكلى والشعيرات الدموية وإهمالهما يزيد من سرعة تدهور وظائف الكلى. ونلاحظ علاقة السكر وارتفاع ضغط الدم القوية بمرض الكلى المزمن وارتباط الجميع بأمراض القلب وتصلب الشرايين والجلطات.
صورة-3: العلاقة بين مرض الكلى المزمن والسكر وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب
المزيد حول مرض الكلى المزمن (اعراضه ، مضاعفاته، علاجه وبعض التوصيات ) في المقال القادم بإذن الله.