مجلة نبض – أشجان المسعودي
التدخين هو أحد الآفات التي ابتليت بها المجتمعات. يتسبب التدخين بالعديد من المشاكل الصحية كالسرطان وامراض شرايين القلب التاجية. وتأثير التدخين على الرئة يتمثل في العديد من الامراض اهمها سرطان الرئة ومرض الانسداد الرئوي المزمن. يسر نبض ان تستضيف الدكتور ماجد الغامدي إستشاري الأمراض الصدرية ليحدثنا عن مرض الانسداد الرئوي المزمن ماهو وما اعراضه وطرق تشخيصه وعلاجه.
مرض الانسداد الرئوي المزمن او مايسمى اختصاراً COPD ، هو مرض مزمن يصيب الشعب الهوائية والحويصلات الهوائية مايؤدي الى حدوث تضيق مزمن وتدمير للوحدات التنفسية يفقدها القدرة على القيام بوضيفتها الاساسية وهي تبادل الغازات باستخلاص الاوكسجين وطرح ثاني اكسيد الكربون.
يتسبب التدخين في حوالي ٩٠٪ من الاصابات بمرض الانسداد الرئوي المزمن ، والنسبة المتبقية تعود الى اسباب اخرى يعتقد بأنها تعود الى تلوث الجو وبعض الممارسات كالطبخ بالطريقة التقليدية على الحطب والفحم لسنوات طويلة، وهناك اسباب وراثية كفقد انزيم ألفا ون انتي تريبسين.
احصاءات:
اشارت احصاءات منظمة الصحة العالمية عام ٢٠٠٤ الى ان هذا المرض يصيب ٦٤ مليون انسان حول العالم. كما انه أدى الى وفاة اكثر من ٣ ملايين شخص حول العالم عام ٢٠٠٥ اي نحو ٥٪ من الوفيات. وتشير الى انه السبب الرابع للوفاة عالمياً من بين الامراض.
يصيب هذا المرض حوالي ٢٠٪ من المدخنين ممايشير الى اهمية الاستعداد الوراثي عند بعض المدخنين للاصابة بهذا المرض.
وعادة مايصيب المدخنين ممن تجاوزوا سن الاربعين وتعدت فترة تدخينهم مامعدله علبة واحدة من السجائر يومياً لفترة تتجاوز العشر سنوات ، كما ان الانواع الاخرى من التدخين كالشيشة والمعسل والسيجار والغليون تؤدي الى نفس النتيجة. ابتداءً من سن الثلاثين يبدأ الشخص الطبيعي بفقدان مابين ٢٠ الى ٤٠ ملليلتر من وظائف رئته سنوياً بسبب التقدم في السن ، بينما يخسر المدخن اكثر من ١٠٠ ملليلتر من وظائف رئته سنوياً !!
اعراض المرض:
اهم اعراض المرض هو الشعور بضيق التنفس ويبدأ تدريجياً في البداية عندما يبذل المريض مجهود ، ومع تطور المرض يبدأ الشعود بضيق التنفس حتى مع المجهود البسيط الى ان يصل في الحالات المتقدمة حتى عند عدم بذل اي جهد. أما الاعراض الاخرى فقد يعاني المريض من السعال مع وجود بلغم يزيد وينقص على حسب استقرار الحالة ، وفي المراحل المتقدمة تظهر اعراض المضاعفات كالهزال الشديد وعند وجود تقص مزمن للاوكسجين يظهر تورم الساقين او استسقاء البطن الناتج من ضعف عضلة البطين الايمن للقلب وارتفاع ضغط الشريان الرئوي.
التشخيص:
يتم التشخيص في وجود تاريخ مرضي موافق لهذا المرض فيكون المريض فوق سن الاربعين ومدخن حالي أو سابق ، ويتم التأكد من التشخيص بواسطة فحص وظائف الرئة حيث يبين وجود تضيق في الشعب الهوائية ، وقد يتم عمل فحوصات أخرى لاستبعاد بعض الامراض التي تشابه اعراضها اعراض الانسداد الرئوي المزمن.
العلاج:
- اولى خطوات العلاج هي الاقلاع عن التدخين ، فبالتوقف عن التدخين يعود معدل فقدان وظائف الرئة سنوياً الى مستويات تقارب المعدل عند الشخص غير المدخن. فالهدف الاول من الاقلاع عن التدخين هو المحافظة على ماتبقى من عمل الرئة قدر الامكان. ماتمت خسارته من وظائف الرئة لايمكن تعويضه للاسف.
- الخطوة التالية في العلاج تكون بناءً على الاعراض التي يعاني منها المريض وتشمل موسعات الشعب الهوائية على شكل بخاخات ومنها ماهو قصير المفعول ويستخدم مع المرضى الذين لايعانون من الاعراض بشكل مستمر ، ومنها ماهو طويل المفعول للاعراض الاشد ، كما قد يحتاج المريض الى أكثر من علاج.
- من المهم لمن يعاني من الانسداد الرئوي المزمن اخذ لقاح الانفلونزا كل عام ولقاح مكورات الالتهاب الرئوي كل خمس سنوات.
- في الحالات المتقدمة وعندما يكون هناك نقص في الاوكسجين قد يتم اعطاء المريض الاوكسجين عن طريق اسطوانة او جهاز مكثف بشكل شبه دائم -عادة لفترات لاتقل عن ١٨ ساعة يومياً-
- العلاج التأهيلي الرئوي وهو عبارة عن برنامج تدريبي لتقوية الجسم ورفع اللياقة لمرضى الانسداد الرئوي المزمن مما يساعدهم على التعامل مع المرض بشكل افضل والتقليل من الخمول وعدم الحركة المصاحب له ، وقد اثبتت الدراسات فعالية العلاج التأهيلي الرئوي في التقليل من الشعور بضيق التنفس وتقليل عدد الزيارات الى المستشفى بسبب الاعراض.
- آخر الحلول العلاجية هو زراعة الرئة ويتم لحالات خاصة فقط حيث يجب توفر شروط معينة ودقيقة للجوء الى زراعة الرئة لمرضى الانسداد الرئوي المزمن. وعلى مستوى العالم يعتبر هذا المرض السبب الرئيسي لزراعة الرئة.
ختاماً:
الحكمة والمنطق يدلانا على ان افضل وسيلة لمحاربة هذا المرض هو محاربة أسبابه فعدم البدء بالتدخين هو افضل وقاية منه ، ومن ابتلي بالتدخين لم تفته الفرصة للاقلاع للمحافظة على ماتبقى من وظائف رئتيه كما ان الاوان لم يفت فعلاج الحالات في مراحلها الاولى انجح وافضل من التعامل معها في الحالات المتقدمة كما ان الابحاث الطبية في هذا المجال تسجل ظهور العديد من الطرق الجديدة للعلاج والسيطرة على هذا المرض سواءً كانت دوائية أم غير دوائية.