بيننا مريض نفسي

الكاتبة: حياة الجطيلي

من أمتع ترتيبات مرحلة الامتياز هو اختيارك للتخصص الذي تحبه وتفكر فيه لشهرٍ اختياري أو أكثر حتى تجربه وتحكم عليه وتقيس بيئته الوظيفية بما يناسبك ..

بالنسبة لي اخترت أول شهر وبمنتهى الثقة والحماس الطب النفسي ..

 وبمجرد اختياري وتجهيز أوراقي أحسست أنني في مواجهة وجهًا لوجه مع حلم رافقني منذ سنين وها أنا أتكلم عنه بل وأعيشه كقرار مهم في حياتي, هل أختاره وأقدم عليه أو أصرف النظر عنه وأتخصص بتخصص آخر نهائيًا !

عشت في ذلك الشهر ما شد انتباهي وأثار ذهولي رغم خلفيتي المسبقة عن هذا القسم وتخيلاتي الواقعية لعملي فيه, إلا أن التجربة تظهر لك ما تعرفه ولكن بشكل واقعي جدًا, أو قد تبرز تفاصيل لا يمكن أن تراها دون أن تجربها تشكل فرقًا كبيرًا في نظرتك لمستقبلك .

كان بودي أن أحدثكم عن تفاصيل التجربة ولكنها حقيقة لم تكتمل في داخلي ..

ولكني سأحدثكم عن ما رأيته وأعتقد أنه يهمنا جميعًا :

وبهذا أقول رسالة إلى كل طبيب امتياز أو مقبل على امتيازه :

* اختار البيئة المناسبة للتخصص الذي تفكر فيه.. أقصد حدد مستشفى معروف بهذا التخصص أو يناسبك العمل فيه وهكذا, وابتعد في حكمك عن العواطف .

* اختار شهرك الاختياري في وقت زمني مثلًا أول الامتياز بحيث يتناسب مع وقت حكمك عليه مبكرًا وبالتالي تقديمك له.

*غالبًا في الشهر الاختياري يكون معك زملاء يحبون التخصص كما تحبه وبالذات إن كان فرعي ليس أساسيًا في البرنامج, فاستمتعت برفقتهم حقيقة يكون التعاون ذا قيمة والعمل جاد والحوار رائع.

*حاول أن تختبر حماسك وشغفك في الأنشطة المطلوبة في التخصص كالعرض أو تقديم الحالات واسأل نفسك: هل فعلًا العلم كالعمل فيه ؟!

*تصور نوعية المرضى التي ستقابلها في قسمك الذي اخترته, واعرف أنك ستتعامل مع هذا النوع أو هذه الفئة أو هذه الأمراض طوال حياتك .. هل هذا سيزيدك حماسًا أو سيبعدك عنه ؟!

*حاول أن تحدد ميولك العامة وما تحب وما تكره وما هي طبيعة العمل الذي يناسبك من بداية الامتياز وبدون تأثير أي شخص.

* لا تستعجل في حكمك واسمع الصوت النابع في داخلك وحدسك الذي يقول لك أين ترى نفسك فيه في حيرتك تجاه التخصص.. بعيدًا عن رغبة الأهل, بعيدًا عن نظرة محيطك, ولا تقارن ما تحب وما ارتحت له بمستواك المعياري لهذا القسم أثناء دراسته في سنوات الطب.
فإن فعلت فإنك تخطئ في حق نفسك وأن أردت أن تقارن فقارن استمتاعك فيه.

– همسة أخيـرة :
الله أعلم وأحكم وأرحم منك سبحانه, بيده يوفقك لما هو خير لك في الدنيا والآخرة مهما احترت وفكّرت فلا ترهقك كثرة الاحتمالات.

Exit mobile version