مجلة نبض – رويترز :
لاري المسكين لا يبدو عليه أنه في حالة طيبة.. لونه شاحب ويبدو عليه المرض وهو يتقيأ مرارا وتكرارا بينما من يقدمون له الرعاية يراقبون فقط نوبات القيء دون مساعدة.لكن عدم اكتراثهم بلاري يرجع إلى اهتمامهم الشديد بالمسافة التي سيصل إليها رذاذ القيء.لاري هو نظام القيء الصناعي الشبيه بالبشر ويلجأ إليه العلماء في تحليل عدوى المرض وشأنه شأن الملايين في أنحاء العالم حاليا فإنه يعاني بشدة من نوروفيروس وهو مرض وصفه خبير بريطاني بأنه “فيراري عالم الفيروسات” في إشارة إلى قدرته السريعة جدا على العدوى.
قال ايان جودفيلو وهو أستاذ علم الفيروسات في قسم علم الأمراض بجامعة كيمبردج البريطانية الذي ظل يدرس نوروفيروس طوال عشر سنوات “نوروفيروس أحد أكثر الفيروسات عدوى للإنسان.”وقال “إصابة شخص ما لا تتطلب سوى أقل من 20 جزيئا للفيروس. لذلك فإن كل قطرة من القيء أو جرام من الغائط من شخص مصاب يمكن أن تحتوي على ما يكفي من الفيروسات لإصابة أكثر من 100 ألف شخص.”وشن نوروفيروس هجمة شرسة في عام 2012 وفي وقت مبكر أيضا.ففي بريطانيا يقدر أن مليون شخص في هذا الموسم حتى الآن أصيبوا بالفيروس الذي يسبب حالة قيء وإسهال حادة. وقالت هيئة حماية الصحة إن هذا المعدل الكبير من الإصابة في وقت مبكر نسبيا في فصل الشتاء يظهر اتجاهات موجودة في اليابان وأوروبا.وقالت في بيان “في استراليا يصل أيضا نوروفيروس أوجه خلال الشتاء لكنه استمر هذا الموسم لفترة أطول من المعتاد وهم يجدون حالات في موسمهم الصيفي.”وفي الولايات المتحدة تقول المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن نوروفيروس يسبب المرض لدى 21 مليون شخص سنويا. ومن هذا العدد من الذين يصابون بالفيروس يتطلب نحو 70 ألفا الدخول للمستشفيات ونحو 800 شخص يموتون سنويا.
يعود نوروفيروس إلى أكثر من 40 عاما وأطلق عليه هذا الاسم تيمنا بمدينة نورووك الأمريكية في ولاية أوهايو حيث كان هناك تفش لأمراض معوية حادة لدى تلاميذ في نوفمبر تشرين الثاني عام 1968.ومن الأعراض قيء مفاجيء يمكن أن يكون لمسافات بعيدة وإسهال ربما يكون بكميات كبيرة ويميل للسيولة. كما يعاني بعض الضحايا من الحمى وألم الرأس وتقلصات في المعدة.وما يجعل هذا الفيروس عدوا شديدا هو قدرته على تجنب محاولات القضاء عليه من خلال التنظيف والبقاء فترات طويلة خارج عائل بشري.
فقد وجد العلماء أن نوروفيروس يمكن أن يظل حيا طوال 12 ساعة على الأسطح الصلبة وما يصل إلى 12 يوما على الأقمشة الملوثة بالفيروس مثل السجاد والمفروشات. وفي المياه الراكدة يمكن أن يظل حيا لشهور وربما سنوات.وفي مختبر الصحة والسلامة في دربيشير بشمال انجلترا حيث ابتكرت الباحثة كاثرين ماكيسون نظام القيء الصناعي الشبيه بالبشر وأطلقت عليه اسم “لاري المتقييء” وجد العلماء أن قطرات صغيرة من المريض يمكن أن تنتشر لمسافة ثلاثة أمتار.كان من السهل رصد الرذاذ من قيء لاري لأنه مزود بمادة بديلة عن القيء تحتوي على مواد مشعة للمساعدة على التعرف حتى على الرذاذ الصغير.وإلى جانب ذلك فإن نوروفيروس مقاوم شديد للمطهرات العادية المتوفرة في المنازل والهلام الكحولي لتنظيف اليدين لذلك فليس من العجيب أن هذا المرض يحدث أثرا كبيرا داخل المستشفيات والمدارس ودور الرعاية وسفن الرحلات والفنادق.فخلال فترة اسبوعين انتهت في 23 ديسمبر كانون الأول كان هناك 70 تفشيا لنوروفيروس في مستشفيات بريطانيا وفي الأسبوع الماضي رست سفينة رحلات تبحر بين نيويورك وميناء ساوثامتون البريطاني في الكاريبي لوجود نحو 200 شخص على متنها يشتبه في إصابتهم بهذا الفيروس.والأنباء الطيبة بالنسبة للبعض هي أن ليس كل الناس عرضة للإصابة بنوروفيروس بشكل متكافيء.
إذ يقول جودفيلو إن نحو 20 في المئة من الأوروبيين لديهم تحور في جين يدعى (اف.يو.تي 2) يجعلهم مقاومين للمرض.وبالنسبة للعدد المتبقي فسيتعين عليهم انتظار نتائج تجارب للقاح محتمل لنوروفيروس تصنعه شركة ليجو سايت الأمريكية للأدوية أو فريق بين عدة فرق في أنحاء العالم تعكف على أدوية جديدة محتملة مكافحة للفيروس لمعالجة الإصابة به.لكن الأنباء السيئة كما يقول خبراء علم الفيروسات هي أن هذا الفيروس يتغير بشكل مستمر مما يجعله هدفا متحركا لمصنعي الأدوية. وهناك أيضا أدلة على أن استجابة جهاز المناعة البشري للإصابة قصيرة لذلك يمكن أن تتجدد الإصابة بالفيروس ذاته خلال عام أو اثنين.وإلى حين التوصل إلى أي دواء أو لقاح فعال يرى الخبراء أن شأن هذا الفيروس شأت نزلات البرد العادية فسيكون ضيفا ثقيلا لمواسم شتاء كثيرة قادمة. ونصيحتهم هي الابتعاد عن أي شخص مصاب بالفيروس واستخدام الصابون والماء بكثرة وإطالة فترة غسل اليدين بالصابون.