د.النقبي:رحلة التخصص في أمراض الباطنية والمفاصل
استهواني تخصص أمراض الباطنية منذ أن كنت طالباً في كلية الطب. سأستعرض في مقالتي المتواضعة عن رحلتي في هذا التخصص وفروعه الدقيقة.
عندما كنت طالباً في كلية الطب، أحببت دراسة أمراض الطب الباطني، فكنت أتعامل مع أعراض المرض كلغز يجب حله. في نفس الوقت لم يجذبني تخصص أمراض المفاصل إطلاقاً، فلا أتذكر من هذا التخصص إلا دراسة بعض من أمراض المفاصل في مادة علم المناعة ومن خلال بعض المحاضرات التي تهدف الى مناقشة الامراض من زوايا مختلفة.تأكدت أثناء سنة الامتياز من حبي لتخصص الطب الباطني وبالذات أمراض الأيض والغدد (إندوكرينولوجي)، وأتذكر أنني وجدت موقعاً لجامعة أمريكية لدراسة شخصية الطبيب واقتراح التخصصات المناسبة تبعاً لإجابات استبيان، ولكن لم يكن الطب الباطني العام من اوائل التخصصات في القائمة التي بينت أن الطب النووي والطب الوظيفي والجراحة التجميلية هي من التخصصات المقترحة. على الرغم من ذلك، عزمت على تكملة دراساتي العليا في الطب الباطني في كندا، وشاء القدر أن أكمل في جامعة تورنتو حيث تعتبر من أكبر جامعات كندا.
ومرت الأيام ولم أعد ذلك الطبيب الذي يخطط لعلاج مرضى السكري والغدد بشكل يومي. أعتقد أن من اسباب تغيير رأيي هو التكرار الممل لنفس الاستشارة خصوصاً عندما كنت في فترة المناوبة في فصل الشتاء وفي وقت عواصف ثلجية، فأذكر أنني اضطررت الذهاب للمستشفى في مرات عديدة لرؤية مرضى في أقسام المستشفيات المختلفة بسبب ارتفاع نسبة السكر. بالتأكيد أن تخصص السكري والغدد مهم جداً خصوصاً مع انتشار نسبة السكري في العالم والخليج بالذات، ولكنه تخصص لم يعد يستهويني في مرحلة قرار التخصص الدقيق.
في الأشهر القليلة التي سبقت تقديم طلبات الإقامة في التخصص الدقيق في الطب الباطني، كنت أمام مفترق طريقين: إما تخصص أمراض المفاصل أو أمراض الصدرية. فلقد أعجبت بكلا التخصصين أثناء التدريب في أقسام الطب الباطني. أعتقد أنني قررت بنهاية الأمر أن أتخصص بأمراض المفاصل لاسباب عدة، فأمراض المفاصل عجيبة فهي تحارب أكثر من نظام في الجسم، وبالتالي أستطيع التعاون مع أطباء من متختلف التخصصات مثل الجراحين وأطباء الأسرة والنساء والولادة ومختلف أطباء الباطنية. وقد قام أطباء المفاصل بتشجيعي بهذا التخصص، بل أنهم أعطوني رسائل توصية وتقريراً ممتازاً عن أدائي في نهاية فترة التدريب. إن عدد أطباء المفاصل قليل في دول الخليج العربي، وهناك كثير من أمراض المفاصل تُعالج من أطباء غير متخصصين. فمثلا، يقوم بعض جراحي العظام بمعالجة مرض التهاب فقرات الظهر المتلاصقة بشكل روتيني في بعض المستشفيات، في حين أن طبيب المفاصل هو المختص بالعلاج المبدئي غير الجراحي. هناك كثير من الأطباء الذين لايعرفون ماذا يستطيع طبيب المفاصل أن يعالج وهذا مايسبب تأخراً في تحويل بعض المرضى في الوقت المناسب مما يسهم في معاناتهم.
وقبلت مرة أخرى في برنامج الإقامة في أمراض المفاصل في جامعة تورنتو، وكان أكثر الأطباء المتدربين من الخليج بحيث كنا ٤ أطباء ذكور من دولة الإمارات والسعودية والكويت مقابل طبيبتان كنديتان. كانت سنتا برنامج الإقامة من أمتع السنين التي قضيتها في التدريب على الرغم من كثرة العمل والمناوبات، وكنا كأطباء متدربين نعمل على فترات مختلفة في عنبر امراض المفاصل والاستشارات للمرضى في الطوارئ والمنومين في أجنحة أخرى، وكذلك في عيادات المفاصل العامة والتخصصية مثل عيادات الذئبة الحمراء والروماتويد والتهاب الأوعية الدموية وآلام الظهر الالتهابية وعيادة الحوامل اللاتي يعانين من أمراض مختلفة في المفاصل والأنسجة الضامة. كانت نشاطاتنا الدراسية تتطلب منا التحضير لمواضيع شتى في أمراض المفاصل، وتقديمها لبعضنا في وجود الاستشاري أو أستاذ زائر، أو تقديم محاضرة لمجموعة كبيرة من الأطباء من مستشفيات مختلفة. لازلت أتذكر أمتع ايام المناقشات الطبية التي كانت صباح الجمعة عند استشاري أمراض المفاصل عند الحوامل فقد كان يحضر الفطور في غرفة المناقشة في مبنى عيادته، وكان أسلوبه ظريفاً جداً في الشرح.
بعد انتهائنا من برنامج الإقامة، تم تخريجنا في حضور الأساتذة في قسم المفاصل التابع للجامعة. وتفرق زملاء الدراسة الطيبين، وأكملت زمالتي في الجامعة في برنامج التهاب فقرات الظهر Spondyloarthritis Fellowship
في الأشهر القليلة التي سبقت تقديم طلبات الإقامة في التخصص الدقيق في الطب الباطني، كنت أمام مفترق طريقين: إما تخصص أمراض المفاصل أو أمراض الصدرية. فلقد أعجبت بكلا التخصصين أثناء التدريب في أقسام الطب الباطني. أعتقد أنني قررت بنهاية الأمر أن أتخصص بأمراض المفاصل لاسباب عدة، فأمراض المفاصل عجيبة فهي تحارب أكثر من نظام في الجسم، وبالتالي أستطيع التعاون مع أطباء من متختلف التخصصات مثل الجراحين وأطباء الأسرة والنساء والولادة ومختلف أطباء الباطنية. وقد قام أطباء المفاصل بتشجيعي بهذا التخصص، بل أنهم أعطوني رسائل توصية وتقريراً ممتازاً عن أدائي في نهاية فترة التدريب. إن عدد أطباء المفاصل قليل في دول الخليج العربي، وهناك كثير من أمراض المفاصل تُعالج من أطباء غير متخصصين. فمثلا، يقوم بعض جراحي العظام بمعالجة مرض التهاب فقرات الظهر المتلاصقة بشكل روتيني في بعض المستشفيات، في حين أن طبيب المفاصل هو المختص بالعلاج المبدئي غير الجراحي. هناك كثير من الأطباء الذين لايعرفون ماذا يستطيع طبيب المفاصل أن يعالج وهذا مايسبب تأخراً في تحويل بعض المرضى في الوقت المناسب مما يسهم في معاناتهم.
وقبلت مرة أخرى في برنامج الإقامة في أمراض المفاصل في جامعة تورنتو، وكان أكثر الأطباء المتدربين من الخليج بحيث كنا ٤ أطباء ذكور من دولة الإمارات والسعودية والكويت مقابل طبيبتان كنديتان. كانت سنتا برنامج الإقامة من أمتع السنين التي قضيتها في التدريب على الرغم من كثرة العمل والمناوبات، وكنا كأطباء متدربين نعمل على فترات مختلفة في عنبر امراض المفاصل والاستشارات للمرضى في الطوارئ والمنومين في أجنحة أخرى، وكذلك في عيادات المفاصل العامة والتخصصية مثل عيادات الذئبة الحمراء والروماتويد والتهاب الأوعية الدموية وآلام الظهر الالتهابية وعيادة الحوامل اللاتي يعانين من أمراض مختلفة في المفاصل والأنسجة الضامة. كانت نشاطاتنا الدراسية تتطلب منا التحضير لمواضيع شتى في أمراض المفاصل، وتقديمها لبعضنا في وجود الاستشاري أو أستاذ زائر، أو تقديم محاضرة لمجموعة كبيرة من الأطباء من مستشفيات مختلفة. لازلت أتذكر أمتع ايام المناقشات الطبية التي كانت صباح الجمعة عند استشاري أمراض المفاصل عند الحوامل فقد كان يحضر الفطور في غرفة المناقشة في مبنى عيادته، وكان أسلوبه ظريفاً جداً في الشرح.
بعد انتهائنا من برنامج الإقامة، تم تخريجنا في حضور الأساتذة في قسم المفاصل التابع للجامعة. وتفرق زملاء الدراسة الطيبين، وأكملت زمالتي في الجامعة في برنامج التهاب فقرات الظهر Spondyloarthritis Fellowship
لأنني أحببت هذا التخصص وكذلك بسبب ندرته في العالم الغربي والعربي. هذه المرة قُبلت في برنامج (الطبيب الباحث) الذي يدمج برنامج الزمالة العملي مع برنامج البحث العلمي (ماجيستير في علم الوبائيات). كان هذا البرنامج من أمتع برامج الدراسات العليا وأكثره في الواجبات خصوصاً في الأشهر الأخيرة التي سبقت تسليمي لرسالة الماجيستير قبل امتحان المرافعة الذي نجحت فيه بحضور ٦ أساتذة جامعين من كندا وأمريكا. كان حفل التخرج رائعاً بكل المقاييس وأكثر ما أسعدني هو حضور زوجتي هذا الحفل، فلولا توفيق الله لي ووقوفها بجانبي، لكنت وجدت صعوبة في التخرج وتحقيق كثير من الانجازات.
بعد التخرج بدأ التجهز للرحيل الى بلادي بعد غربة استمرت قرابة العشر سنوات في كندا. كان شعوري ممزوجاً بالفرحة والحزن. كنت فرحاً لأنني سأرجع إلى بلادي بين أهلي وأصحابي، في بلد الأمان حيث سيتحدث أطفالي لغتهم العربية، في بلد سأستطيع فيه الصلاة بالمساجد الممتلئة التي لها عبق وروحانية مميزة خصوصاً أيام رمضان والعيدين، لكن لا أنكر أنه صاحبني شعور خفي بالحزن لترك بلاد جلست بها فترة طويلة من الزمن وتعودت على أناسها وفصولها الأربعة. حتى بعض مرضاي شعروا بالحزن وأهدوني بعض الهدايا التذكارية. شعرت بالامتنان كثيراً عندما قام قسم المفاصل في الجامعة بإقامة حفلة وداع لي مع إعطائي هدية وصور تذكارية، وأثناء الحفل قمت بإعداد شرائح باوربوينت عن صوري أثناء العشر سنوات الماضية وذكرت بعض المواقف المضحكة التي صادفتها وكذلك أخبرتهم عن أمور تهم مجتمعنا الخليجي في صور جذابة.
قد أكون محظوظاً باختيار تخصص أمراض المفاصل وأمراض التهاب فقرات الظهر في وقت مناسب، ولكن بالتأكيد يعاني بعض زملائي في بداية حياتهم الطبية لمعرفة تخصصهم المناسب، ولذلك أتمنى أن يزيد اهتمام كليات الطب في العالم العربي بتوجيه طلاب الطب وأطباء الامتياز لاختيار التخصصات المناسبة.
قد يبدأ ذلك بإنشاء دراسة جدوى عن التخصصات المطلوبة في الدولة، وتوزيعها على مناطق الدولة. قد يصاحب ذلك بتحفيز مادي للتخصصات المطلوبة جداً التي لايحبذها طلاب الطب. وأخيراً وليس آخراً، فإن التعاون مع الجهات المبتعثة مع الجامعات يلعب دوراً مهماً في زيادة عدد المختصين وتسهيل قبولهم في برامج الأقامة سواءً المحلية أم العالمية، فمالفائدة لو أحب طبيب تخصصاً ما ولكنه لايستطيع مواصلة تدريبه فيه؟
وأخيراً أدعو الله العلي القدير لزملائي الطلاب والأطباء المقيمين بالتوفيق واحتساب الأجر في عملهم المجال الطبي.
بعد التخرج بدأ التجهز للرحيل الى بلادي بعد غربة استمرت قرابة العشر سنوات في كندا. كان شعوري ممزوجاً بالفرحة والحزن. كنت فرحاً لأنني سأرجع إلى بلادي بين أهلي وأصحابي، في بلد الأمان حيث سيتحدث أطفالي لغتهم العربية، في بلد سأستطيع فيه الصلاة بالمساجد الممتلئة التي لها عبق وروحانية مميزة خصوصاً أيام رمضان والعيدين، لكن لا أنكر أنه صاحبني شعور خفي بالحزن لترك بلاد جلست بها فترة طويلة من الزمن وتعودت على أناسها وفصولها الأربعة. حتى بعض مرضاي شعروا بالحزن وأهدوني بعض الهدايا التذكارية. شعرت بالامتنان كثيراً عندما قام قسم المفاصل في الجامعة بإقامة حفلة وداع لي مع إعطائي هدية وصور تذكارية، وأثناء الحفل قمت بإعداد شرائح باوربوينت عن صوري أثناء العشر سنوات الماضية وذكرت بعض المواقف المضحكة التي صادفتها وكذلك أخبرتهم عن أمور تهم مجتمعنا الخليجي في صور جذابة.
قد أكون محظوظاً باختيار تخصص أمراض المفاصل وأمراض التهاب فقرات الظهر في وقت مناسب، ولكن بالتأكيد يعاني بعض زملائي في بداية حياتهم الطبية لمعرفة تخصصهم المناسب، ولذلك أتمنى أن يزيد اهتمام كليات الطب في العالم العربي بتوجيه طلاب الطب وأطباء الامتياز لاختيار التخصصات المناسبة.
قد يبدأ ذلك بإنشاء دراسة جدوى عن التخصصات المطلوبة في الدولة، وتوزيعها على مناطق الدولة. قد يصاحب ذلك بتحفيز مادي للتخصصات المطلوبة جداً التي لايحبذها طلاب الطب. وأخيراً وليس آخراً، فإن التعاون مع الجهات المبتعثة مع الجامعات يلعب دوراً مهماً في زيادة عدد المختصين وتسهيل قبولهم في برامج الأقامة سواءً المحلية أم العالمية، فمالفائدة لو أحب طبيب تخصصاً ما ولكنه لايستطيع مواصلة تدريبه فيه؟
وأخيراً أدعو الله العلي القدير لزملائي الطلاب والأطباء المقيمين بالتوفيق واحتساب الأجر في عملهم المجال الطبي.
* استشاري أمراض المفاصل في مستشفى العين، زميل في الكلية الملكية الكندية للأطباء، زميل في الكلية الأمريكية للطب الباطني وأمراض المفاصل العين, دولة الإمارات العربية المتحدة
وفقك الله يادكتور خالد. انت انتهيت من رحله الدراسه في الخارج وانا سوف تبدأ رحلتي بعد أشهر. أسأل الله التوفيق لي ولك ولجميع المبتعثين
اسأل الله لك التوفيق والسداد ، ماشاء الله عليك انت انتهيت وانا سوف ابدأ مرحلة الأمتياز الشهر المقبل !!
يارب اسألك التوفيق
الله يوفقك دكتور
وأنا مريضت رماتيزم ارتحت لتغريداتك واناا في فترة العلاج خارج البلاد .. قررت أن شآء الله أكمل علاجي معك ..
فعلا أمراض الروماتيزم ترتبط مع أمراض الباطنية .. وصعوبة في تشخيصهاا .. واتمنى لك دوام التوفيق ..