أظهرت دراسة أجرتها جامعة كينغز كوليدج في لندن أن الكساد الاقتصادي الذي تعاني منه أوروبا له تأثير كبير على من يعانون من مشاكل مرتبطة بالصحة العقلية.
وتضاعفت معدلات البطالة بين هذه الفئة خلال 2006-2010 مقارنة بغيرهم، حيث ارتفعت من نسبة 12.7 في المئة لتصل إلى 18.2 في المئة.
وتقول الدراسة إن ذلك التأثير لحق بالرجال من هذه الفئة وبمن يحملون مستويات منخفضة من التعليم.
وحذر القائمون على الدراسة من زيادة الإقصاء المجتمعي الذي يواجه هذه الفئة.
وجمع العلماء البيانات من 20 ألف شخص على مستوى 27 دولة أوروبية مستخدمين ما يعرف بدراسات “يوروباروميتير” التي تناولت الصحة العقلية والسلوكيات التي يواجهها من يعانون من اختلال عقلي ونسبة العمالة الحالية.
وبالنسبة لمن لا يعانون من مشاكل مرتبطة بالصحة العقلية فقد ارتفع معدل البطالة 7.1 في المئة عام 2006 ليصل إلى 9.8 في المئة عام 2010.
وأوضحت الدراسة أن الرجال الذين يعانون من مشاكل مرتبطة بالصحة العقلية كانوا أكثر تضررا، حيث ارتفعت نسبة البطالة بين هذه الفئة من 13.7 في المئة عام 2006 لتصل إلى 21.7 في المئة عام 2010.
وصمة عار
وتوصل الباحثون من معهد الطب النفسي بكلية كينغز لندن إلى أن السلوكيات السلبية تجاه المصابين بمشاكل عقلية كانت عاملا في ارتفاع نسبة البطالة بين هذه الفئة.
وتقول الدراسة: “في البلد الذي ترى النسبة الأكبر من مواطنيه أن من لديهم مشاكل مرتبطة بالصحة العقلية يشكلون خطرا، تزيد احتمالية ارتفاع نسبة البطالة بين تلك الفئة، إلا أنها لا تحدث تأثيرا على معدل التوظيف بين من لا يعانون هذه المشاكل.”
ويُعتقَد أن العاطلين ممن لديهم مشاكل مرتبطة بالصحة العقلية قد لا يسعون للحصول على المساعدة، وقد يحتاجون لأن يكون هناك مبادرة للتواصل معهم ودعمهم.
وقالت سارة إيفانز-لاكو، المشرفة على الدراسة والمحاضرة في معهد الطب النفسي، إن هذه الدراسة لم تتضمن معدلات البطالة في كل دولة بالاتحاد الأوروبي على حدة. وترى إيفانز-لاكو أن ذلك يعتبر اتجاها سائدا في أوروبا، ولا يرتبط بثقافة بعينها.
وأضافت: “في حالة الكساد الاقتصادي، يواجه مَن يعانون من مشاكل مرتبطة بالصحة العقلية تدهورا في أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.”
وتابعت: “لا نعلم السبب بالتحديد، إلا أنه يكون من الصعب على الناس الحصول على وظيفة إذا كانت سيرته الشخصية تظهر أنه ظل لفترة لا يعمل. كما أنه إذا ما أراد أرباب العمل خفض أعداد العاملين، تكون تلك الفئة ممن لديهم مشاكل مرتبطة بالصحة العقلية أكثر تضررا.”
“واجب قانوني”
أما غراهام ثورنيكرافت، وهو من فريق البحث بمعهد الطب النفسي في بريطانيا، فقال أيضا إن هناك خطوات يمكن اتخاذها لمنع ذلك من الحدوث.
وقال ثورنيكرافت: “يتعين أن تكون الحكومات أكثر وعيا بتلك المخاطر، كما يحتاج أرباب العمل لأن يدركوا واجبهم القانوني بالالتزام بقانون المساواة للسماح لذوي المشاكل المرتبطة بالصحة العقلية بالحصول على وظائف لديهم.”
من جانبها، أعربت بيث ميرفي، رئيس قسم المعلومات في منظمة”مايند” الخيرية للصحة العقلية، عن قلقها إزاء نتائج الدراسة.
وقالت ميرفي: “تعتمد الصحة العقلية على عدد من العوامل، تتضمن حالة التشغيل وأوضاع العمل والأمن المالي، وهي الأمور التي يمكن أن تتأثر خلال فترة الكساد.”
وأضافت قائلة: “منذ عام 2008، تلقى خط المعلومات التابع للمنظمة أعدادا متزايدة من الطلبات ممن أعربوا عن قلقهم من تأثير المال والبطالة على صحتهم العقلية، وهو ما يمكن إرجاعه للتباطؤ الاقتصادي.”
وتابعت: “تعتبر عمليات فصل الموظفين تحديدا سببا في الدخول في موجات الاكتئاب والتفكير في الانتحار، وذلك كما هو الحال مع من يعانون من الديون أيضا.”