مجلة نبض – BBC :
يعكف العلماء على البحث عن طرق جديدة لاستهداف الأورام السرطانية، ولعل أحدث هذه الطرق نظارات متطورة صنعت أخيرا.
ويعتمد الأطباء حاليا طريقتين في علاج الأورام السرطانية: تدمير الورم بالعقاقير والعلاجات الإشعاعية، أو استئصاله من الجسم. الطريقة الثانية هي أكثر انتشارا، ولكنها لا تككل دائما بالنجاح، إذ يستحيل غالبا تحديد نهاية الورم الذي يجري استئصاله وبداية الأنسجة السليمة في الجسم. وغالبا ما يزيل الجراحون الأنسجة المحيطة بالورم، ولكن الخلايا السرطانية غالبا ما تبقى، وهو ما يتطلب عمليات جراحية إضافية.
بيد أن النظارات التي يجري تطويرها في الولايات المتحدة تمكن الجراحين من “رؤية” أي الخلايا سرطانية وأيها سليمة، وهو ما يعطيهم فرصا :ثر لإزالة جميع الخلايا السرطانية في عملية جراحية واحدة.
وقال رايان فيلدز، وهو جراح من مركز أبحاث السرطان بمستشفى بارنز اليهودي بولاية ميزوري الأمريكية وأحد المشاركين في دراسة تجريببة لتلك النظارات: “إن هذه التكنولوجيا الجديدة مدهشة، فهي أشبه ما تكون باستخدامنا مجهرا يوجهنا أثناء إجراء العملية الجراحية.”
“رؤية” الورم
وتتضمن هذه الدراسة حقن المريض بمادة صبغية قبل إخضاعه للعملية الجراحية، بحيث تكون تلك المادة مقترنة بـ”بروتين البيبتايد” الذي يساعدها على تتبع الخلايا السرطانية ومحاصرتها.
وبعد ذلك، ينبعث ضوء من الخلايا السرطانية التي وصلت إليها تلك المادة الصبغية بطول موجي لا يرى بالعين المجردة، إلا أنه يمكن رصده من خلال حساسات موجودة في تلك النظارات.
وقال ساميويل آتشيليفو، أستاذ الهندسة الطبية الحيوية والذي قام بتطوير هذه المادة الصبغية والنظارة: “تعمل الحساسات الموجودة في النظارة على التقاط الشعاع الضوئي الذي تصدره المادة الصبغية الملتصقة بالنسيج السرطاني، ومن ثم يظهر ذلك أمام عيني الجراح.”
وأضاف آتشيليفو: “يقدم ذلك نوعا من الواقعية التي ستمكن الجراحين من رؤية الخلايا السرطانية وهي يصدر عنها وميض ضوئي، وهو ما سيوجههم بشكل لحظي أثناء العملية الجراحية.”
وعلى الرغم من أن هذه التكنولوجيا لا تزال في طورها الأول، إلا أن الجراحين يتوقعون لها مستقبلا واعدا.
وقال رايان فيلدز: “من شأن هذه التكنولوجيا أن تقلل من حجم الجراحات التي يخضع لها المريض، عندما تكون تلك الطريقة آمنة، كما من شأنها أن توجه الجراح لاستئصال المزيد من الأنسجة إذا ما تطلب الأمر ذلك.”
وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 40 في المئة من حالات الإصابة بورم الثدي في الولايات المتحدة، وما يقل عن 20 في المئة في بريطانيا، تتطلب تدخلا جراحيا إضافيا.
أورام مختلفة
كما أن القدرة على إيجاد طريقة أكثر دقة وفعالية في إزالة الأورام من شأنها أن تقلل من الأضرار التي تصيب المرضى عند خضوعهم لإجراءات علاجية مجهدة في المستقبل.
وحتى الآن، لم تستخدم هذه النظارات سوى مع مصابين بسرطان الجلد وسرطان الثدي.
إلا أن آتشيليفو واثق من أن هذه النظارات المتطورة يمكن أن تستخدم مع الأنواع المختلفة من الأورام السرطانية، حيث ظهر أن هذه المادة الصبغية تلتصق بالأنسجة السرطانية في كل من الثدي، والرئتين، والقولون، والبنكرياس، بالإضافة إلى أنسجة أخرى.
كما ظهرت قدرة هذه المادة الصبغية أيضا على رصد الخلايا قبل إصابتها بالسرطان. إلا أن هذه التكنولوجيا الجديدة لا تعتبر هي الوحيدة التي تساعد في زيادة دقة استئصال الورم السرطاني.
فقد عمل باحثون آخرون على تطوير مشرط جراحي يفصل بين الأنسجة باستخدام الحرارة، حيث يعمل على تحليل الدخان المنبعث من ملامسة المشرط الساخن للنسيج الذي يعالجه الجراح، ليحدد له ما إذا كان نسيجا سرطانيا أو طبيعيا، وهو ما يتيح للجراح الوصول إلى أطراف الورم وإزالته بطريقة أكثر دقة.
وفي معرض حديثه عن تكنولوجيا النظارات الجديدة، قال تيم أندروود، أستاذ الجراحة بجامعة ساوثامبتون ببريطانيا: “من المؤكد أن مثل هذه التكنولوجيا تظهر نتائج مبشرة، إلا أنها تحتاج إلى تجارب أوسع لإثبات قيمتها قبل أن تعتمد للاستخدام الجراحي الروتيني.”