جراحات تخسيس الوزن.. طموحات وآمال
د. فادي رضوان
رئيس تحرير مجلة “جديد الصحة والطب” برعاية نبض
دخلت جراحة تخسيس الوزن weight-loss surgery، والتي نعرفها أيضاً باسم جراحة البدانة bariatric surgery، عالم تخسيس الوزن وعلاج البدانة من الباب الواسع ليس فقط لأنها تُقدم أكبر فرصة لخسارة أكبر وزن ممكن، بل لأن بإمكانها أيضاً أن تعالج عدداً من الحالات المزمنة المرافقة للبدانة، مثل الداء السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع كولسترول الدم وتوقف النفس أثناء النوم وغيرها، كل هذا بعملية واحدة فقط. تلك الميزات التي تملكها جراحات تخسيس الوزن تدفع أعداد متزايدة من مرضى البدانة لاختيار إجراء تلك الجراحة، لأن ميزاتها وحسناتها تتجاوز على المدى الطويل المخاطر والآثار الجانبية المرافقة لها. فجراحات البدانة هي الطريقة المؤكدة الوحيد التي بإمكانها تقديم شفاء تام للبدانة، وتترافق هذه الطريقة العلاجية مع انخفاض هائل في كميات الطعام المأكولة، ومع تحسن جودة الحياة quality of life ، ومع شفاء سريع باستخدام تقنيات جراحية تكون ضمن الحد الأدنى من العدوانية.
لمحة تاريخية موجزة عن جراحة تخسيس الوزن
مع هذا الارتفاع الهائل في نسبة المصابين بالبدانة في عالمنا المعاصر، ومع ذيوع صيت نجاح عمليات البدانة لعدد كبير من الشخصيات المشهورة في المجتمع، ومع الإحباط الذي يصيب نسبة واسعة ممن يلجؤون لطرق تخسيس الوزن التقليدية بعد انتكاسات متكررة ومع تزايد صعوبة عودة انخفاض الوزن في كل مرة بسبب حدوث تغيرات استقلابية بعد الكثير من الحميات، أخذ الإقبال على عمليات البدانة بالتوسع في الخمسين سنة الأخيرة، لاسيما في العقد الأخير.
أُجريت أول عملية تخسيس وزن عام 1954 على يد الدكتور كيرمين Kremen ومساعديه في جامعة مينيسوتا الأمريكية. كانت العملية عبارة عن مفاعرة anastomosis معوية بين الجزء الأول من الأمعاء والجزء الأخير منها، وهي العملية التي نعرفها باسم المجازَة الصائمية اللفائفية jejunoileal bypass. ترتكز فكرة هذه العملية ببساطة على إجراء مفاغرة (قناة واصلة) بين الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة “الصائم” وبين الجزء الأخير منها “اللفائفي”، وبذلك لا يمر الطعام إلا بجزء بسيط من الأمعاء الدقيقة المسؤولة عن هضم وامتصاص معظم المواد الغذائية. وفي عام 1963، قدم باين Payne ودي ويند DeWind عملية التحويلة القولونية الصائمية Jejuno-colic Shunt، والتي تصل بين بداية الأمعاء الدقيقة والقولون.
وجرى تعديلات كبيرة على الطرق السابقة، وطُوِّرَت الكثير من التقنيات الجراحية بعد ذلك. ونقدم لاحقاً معلومات عن أهم عمليات تخسيس الوزن وأكثرها انتشاراً.
ما شروط إجراء جراحة تخسيس الوزن؟
يقترح الطبيب إجراء عملية تخسيس وزن إذا لم تفِ باقي الوسائل بغرض تخسيس الوزن، وعند إيفاء الشروط التالية:
- كان عند المريض بدانة شديدة، وكان مؤشر كتلة الجسم BMI عنده 40 أو أكثر.
- كان مؤشر كتلة جسم عند المريض بين 35 و39,9، وكان عنده إضافة لوجود مضاعفات صحية خطيرة للسمنة، مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم.
- كان المريض ملتزماً بإجراء تغييرات في نمط حياته ضرورية كي تفي الجراحة بالغرض منها.
تساعد جراحة تخسيس الوزن غالباً على تخسيس 35% من الوزن الزائد. ولا تنس أن جراحة البدانة ليست شفاء سحري للسمنة، فهي لا تضمن أن تخسر كل الوزن الزائد، ولا تكفل ذلك على المدى الطويل. فنجاح تخسيس الوزن بعد العملية يعتمد على التزام المريض بإجراء تغييرات في نمط حياته في عادات أكله وتمارينه الرياضية.
ما أهم عمليات تخسيس الوزن؟
يمكننا تقسيم جراحات تخسيس الوزن عموماً إلى إجراءات حاصرة restrictive procedures وإجراءات مُسببة لسوء الامتصاص malabsorptive procedures. تقلل الإجراءات المُسببة لسوء الامتصاص امتصاص السعرات الحرارية والبروتينات وباقي المواد الغذائية. بينما تنقص الإجراءات الحاصرة المدخول من الطعام وتتسبب بالإحساس بالتخمة على وجبات صغيرة.
وتتضمن أكثر عمليات تخسيس الوزن أهميّة ما يلي:
جراحة المجازة المعدية Gastric bypass surgery
هذه أكثر عملية تخسيس وزن مفضلة في الولايات المتحدة، حيث تقول الإحصائيات أن عدد عمليات المجازة المعدية يتجاوز 140,000 عملية في الولايات المتحدة وحدها كل عام. وأجريت أول عملية من هذا النوع عام 1967، وبالتالي هناك الكثير من المعلومات المتوفرة حول حسنات هذه العملية وآثارها الجانبية. كما أن إمكانية إجرائها استخدام المناظير زاد من شعبيتها كثيراً، بالإضافة لأنها أفضل عملية في نتائجها في شفاء مضاعفات السمنة مثل السكري من النوع 2.
طريقة إجرائها: يقوم الجراح في هذه العملية التي نطلق عليها كذلك اسم عملية المجازة المعدية بشكل حرف Y Roux-en-Y gastric bypass بتكوين جيب صغير من أعلى المعدة بحجم البيضة يُفصل عن باقي المعدة ويوصَل إلى الجزء السفلي من الأمعاء الدقيقة. ويُعاد وصل الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة لتكوين شكل حرف (Y). ولا يُستأصل القسم المتبقي من المعدة ويحافظ على ترويته الدموية. وبهذا لا يمر الطعام من القسم العلوي للأمعاء الدقيقة حيث تمتص غالبية السعرات الحرارية، بل يمر الطعام من الجيبة المعدية مباشرة إلى الجزء السفلي من الأمعاء الدقيقة.
مخاطر العملية: المجازة المعدية عملية كبرى لها العديد من المخاطر، وتكون بعض تلك المخاطر خطيرة جداً، ويجب أن يناقشها المريض مع الجراح قبل العملية. ومن تلك المخاطر:
- الحساسية على الأدوية.
- الجلطات الدموية في الرجلين والتي قد تنتقل إلى الرئتين.
- فقد الدم.
- المشاكل التنفسية.
- النوبات القلبية أو السكتات الدماغية، أثناء الجراحة أو بعدها.
- العدوى، إما في مكان الشق أو الرئتين (التهاب الرئة) أو المثانة أو الكليتين.
- سوء التغذية.
ربط المعدة التنظيري القابل للتعديل (Laparoscopic adjustable gastric banding LAGB)
تُقسم المعدة في هذا الإجراء إلى جيبين باستخدام رباط قابل للنفخ. ويمكن إحكام شد الرباط كما الحزام عبر منفذ يوصل إلى الجلد، يشكل الجراح قناة رفيعة بين الجيبين. ويُصمّم الرباط غالباً كي يبقى في مكانه دوما. ويحظى ربط المعدة بشعبية لأنه أقل جموحاً، ولأنه يعطي نقص تدريجي وثابت في الوزن، كما يمكن تعديل شدة الرباط بحسب الحاجة. لكن على أية حال، لا يفي الربط كما في باقي الإجراءات بالغرض ما لم يلتزم المريض بتعديل سلوكه وبإجراء تعديلات في نمط حياته.
طريقة إجرائها: بعد أن يخضع المريض للتخدير العام يجري الجراح عدة ثقوب صغيرة في البطن لإدخال عدة أنابيب تحوي كاميرا وأدوات الجراحة، ونطلق على هذا النوع من العمليات اسم تنظير البطن laparoscopy. ثم يطوق الجراح القسم العلوي من المعدة برباط يقوم بتقسيم المعدة إلى جيبين: علوي صغير وسفلي أكبر يفصل بيتهما فتحة صغيرة.
عندما يأكل المريض بعد العملية سوف تمتلئ الجيبة العلوية بسرعة، ما سيؤدي لشعوره بالتخمة بعد تناول كمية طعام صغيرة.
مخاطر العملية: هناك مخاطر مرتبطة بالتخدير مثل التحسس تجاه أدوية التخدير. وهناك مخاطر ترافق أي عملية جراحية مثل الجلطات الدموية وخسارة الدم والعدوى والنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وهناك مخاطر مرافقة لعملية ربط المعدة بالذات مثل:
- · تآكل الرباط المعدي عبر المعدة (ويجب إزالته إن حصل ذلك).
- · قد ينزاح الرباط المعدي جزئياً عن مكانه.
- · التهاب المعدة أو حرقة الفؤاد (حرقة المعدة) أو القرحات المعدية.
- · عدوى المنفَذ، ما قد يستدعي العلاج بالمضادات الحيوية أو بالجراحة.
- · أذية المعدة أو الأمعاء أو أعضاء أخرى أثناء الجراحة.
- · سوء التغذية.
- · تندبات قد تؤدي لانسداد الأمعاء.
- · القياء بسبب الأكل أكثر من قدرة الجيبة العلوية للمعدة على التحمل.
الرَّدب المعدي Gastric sleeve أو استئصال المعدة الردبي العمودي
الردب المعدي أو استئصال المعدة الردبي العمودي vertical sleeve gastrectomy هي جراحة تخسيس وزن حاصرة. يُسبب استئصال المعدة الردبي العمودي خسارةً في الوزن بفعل تحديد كميَّة الطعام التي يمكن تناولها قبل الشعور بالامتلاء.
تُبقي جراحة استئصال المعدة الردبي العمودي على قسم صغير من المعدة كي يمر الطعام، ممَّا يقلل وزن الوجبات بعد عملية الجراحة إلى 30 غرام تقريباً. وتُجرى هذه العملية عادةً عند المرضى ذوي الأوزان الثقيلة جداً التي لا تنفع مع حالاتهم إجراء الأنواع الأخرى من العمليات الجراحية الخاصة بتخفيض الوزن، مع توقُّع إجراء عملية جراحية أخرى لهم عند فقدهم للوزن الزائد أيضاً.
طريقة إجرائها: بعد أن يخضع المريض للتخدير العام يجري الجراح عدة ثقوب صغيرة في البطن لإدخال عدة أنابيب تحوي كاميرا وأدوات الجراحة، ونطلق على هذا النوع من العمليات اسم تنظير البطن laparoscopy. ثم يقوم الجراح باستئصال معظم المعدة ويلحم ما تبقى من المعدة باستخدام قطب جراحية.
مخاطر العملية: هناك مخاطر مرتبطة بالتخدير مثل التحسس تجاه أدوية التخدير. وهناك مخاطر ترافق أي عملية جراحية مثل الجلطات الدموية وخسارة الدم والعدوى والنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وهناك مخاطر مرافقة لعملية ربط المعدة بالذات مثل:
- · التهاب المعدة أو حرقة الفؤاد (حرقة المعدة) أو القرحات المعدية.
- · أذية المعدة أو الأمعاء أو أعضاء أخرى أثناء الجراحة.
- · تسرب محتويات المعدة من مكان القطب اللاحمة للمعدة.
- · سوء التغذية.
- · تندبات قد تؤدي لانسداد الأمعاء.
- · القياء بسبب الأكل أكثر من قدرة المعدة على التحمل.
المراجع
- http://asmbs.org/resources/story-of-obesity-surgery
- http://www.haysmed.com/history-of-bariatric-surgery
- http://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/obesity/basics/treatment/con-20014834
- http://www.nlm.nih.gov/medlineplus/ency/article/007199.htm
- http://www.nlm.nih.gov/medlineplus/ency/article/007388.htm
- http://www.nwwls.com/the-story-of-weight-loss-surgery
- http://www.lifebridgeblogs.org/2012/11/28/go-ahead-sign-up-today/