صدمات المهاجرين تتطلب علاجات بديلة في الطب النفسي
مجلة نبض-رويترز:
اضطرت أزمة اللاجئين في أوروبا الأطباء إلى تطوير وسائل علاج نفسي جديدة تتجاوز العلاج التقليدي وذلك لمساعدة ضحايا الصدمات المتعددة مثل الاغتصاب والحرب والتعذيب.
فمن بين مئات الآلاف الهاربين من سوريا وأفغانستان وغيرها من البلاد التي تشهد حروبا من المرجح أن تعاني أعداد ليست بالقليلة من أمراض نفسية من بينها إضطرابات مركبة لما بعد الصدمات وفقا لدراسات نشرت في دوريات علمية مرموقة.
ويعاني المصابون بهذا المرض من تكرار عودة الذكريات المؤلمة ونوبات الذعر وقد يصيبهم بالأرق والاضطرابات العاطفية ويقلل من قدرتهم على الاستقرار في موطن جديد.
ويقول إخصائيون إن استخدام الوسائل العلاجية المتعارف عليها لضحايا الصدمة الواحدة في ظروف مستقرة مثل الجنود العائدين أو الناجين من حوادث السيارات لن يعالج أزمة الصحة النفسية لدى المهاجرين بنفس الفاعلية.
ولذلك بدأ الأطباء النفسيون في أوروبا تطوير مهاراتهم على وسائل علاجية نفسية جديدة نسبيا تركز على المهاجرين.
والطبيبة النفسية الايطالية أوريليا باربيري واحدة من عدد قليل من الخبراء المتطوعين على الخطوط الأمامية في أوروبا.
وتعمل باربيري مع منظمة أطباء بلا حدود الخيرية في مخيمات مؤقتة لاستقبال اللاجئين في صقلية وتقدم ما تصفه بإسعافات نفسية للمهاجرين الوافدين بعد أن أمضوا شهورا أو سنوات في الهروب عبر الصحراء أو عن طريق ليبيا ثم عبور البحر.
وقالت لرويترز هاتفيا “في كثير من الأحيان يقولون إنهم تعرضوا للسجن والضرب طوال اليوم أو إطلاق النار عليهم أو للحرق بالمياه المغلية. لقد عوملوا معاملة الحيوانات.”
* ذكريات مرعبة
يوضح بحث نشر في دورية نيتشر سايكايتري في نوفمبر تشرين الثاني أنه تم تشخيص حالات نحو نصف 23 لاجئا فحصهم أطباء في درسدن بألمانيا بانهم يعانون من إضطرابات ما بعد الصدمة.
وفي اقليم راجوزا بصقلية تقول منظمة أطباء بلا حدود إن الفحص أظهر أن نحو 40 في المئة ممن يعانون من آثار نفسية كانوا مصابين بهذا المرض.
وقالت باربيري إنهم يعانون من نوبات الذكريات المرعبة ويحسبون أنهم مصابون بالجنون. وأضافت “ما أرجو أن أفعله أولا هو الاستماع إليهم. فعندما يشعرون أنهم في مكان محصن يمكن أن يبدأوا الحديث عن الصدمة التي عاشوها.”
ويقول خبراء في مؤسسة هيلين بامبر الخيرية البريطانية التي تدعم الناجين من انتهاكات حقوق الانسان إن بعض اللاجئين يفقدون القدرة على الثقة بالآخرين أو تكوين علاقات إيجابية.
ويقول مينا فاضل أخصائي الصحة النفسية للاجئين بجامعة أكسفورد إن هذا يجعل العلاج أكثر صعوبة وفي الوقت نفسه أكثر أهمية إذا كان للاجئين أن تتاح لهم فرصة الحياة الجديدة ولبلادهم المضيفة أن تنجح في دمجهم فيها.
وذكر مقال نشر في دورية لانسيت عام 2005 لاستعراض 20 دراسة تبحث في الامراض النفسية بين 7000 لاجيء أعيد توطينهم في دول غربية أن احتمال الإصابة بأعراض ما بعد الصدمة يزيد بينهم عشرات المرات تقريبا عن المعدل المعتاد بين عموم السكان.
وخلصت الدراسة إلى أن “عشرات الآلاف من اللاجئين واللاجئين السابقين الذي أعيد توطينهم في دول غربية مصابون على الأرجح باضطرابات ما بعد الصدمة.”
ورغم أن اللجوء ليس ظاهرة جديدة فلم يحدث سوى في العقد الأخير أن طور الأطباء النفسيون وسائل لمعالجتهم على وجه التحديد لعوامل منها أن الاستجابة الدولية تركز على احتياجاتهم من المأكل والملبس والمأوى.
وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن عدد النازحين في مختلف أنحاء العالم بلغ 59.5 مليون شخص في نهاية عام 2014 بالمقارنة مع 51.2 مليون عام 2013. ولا تتوقع الأمم المتحدة أن يخف سيل اللاجئين الوافدين إلى أوروبا وتقول إن المعدل الحالي الذي يبلغ نحو 8000 لاجيء يوميا ربما يتضح أنه “قمة جبل الجليد”.