مجلة نبض-جامعة الملك سعود:
أجرى باحثون بمركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية دراسة حول: “حول التوحُّد ومهارات التدريب والعلاج”، أشاروا فيها إلى إمكانية أن يتلقى الأطفال المصابون بالمرض علاجًا مخصصًا لهم، وأوضحوا أن ثمة طريقة جديدة لتشخيص التوحُّد تبعث الأمل في علاج مبكر للأطفال، مع التنبيه إلى أن استخدام الأطباء لأداة تحرٍّ بسيطة للوالدين، قد تؤدي إلى التشخيص والتدخل المبكرين لعلاج الأطفال المصابين بالتوحُّد.
ووجد الباحثون أن قائمة تقييم أعراض اضطراب التوحد (ATEC) لا تشخّص حالة الأطفال المصابين فحسب؛بل تساعد العاملين في مجال الصحة أيضًا على إدراك مدى تضررهم.
ونشر ملخص هذا البحث في مجلة (نيتشر) الصادر بتاريخ 24 أغسطس 2016م، ونظرًا لأهميته القصوى فقدأبرزته المجلة موضوعًا رئيسًا لعددهاوشغل كامل الغلاف مع صورة معبِّرة عن إحدى مراحل التدريب والعلاج التي بتبعها ويتبنَّاها اختصاصيو العلاج.
وتطرق البحث إلى العلاجات المبتكرة والناجعة في الكشف المبكر لاضطراب التوحُّد وتقديم الرعاية اللازمة قبل أن يتمكَّن في الطفل المصاب.
وفي هذا الخصوص أوضحت اختصاصية علم النفس الإكلينيكي بجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية سارة الشريان أن هذا البحث من شأنه منح الوالدين ومقدمي الرعاية الموارد اللازمة للمساعدة في تخصيص العلاج وفقًا لاحتياجات الطفل، مُعرِّفةً التوحُّد بأنه اضطراب مُعقَّد في النمو العصبي يؤدِّي إلى إضعاف قدرة الطفل على التواصل والتفاعل مع الآخرين،إذ غالبًا ما يبدي الأطفال المصابون به سلوكيات واهتمامات محدودة أو متكررة، وتتراوح الحالة في شدتها بشكل كبير بين المعتدلة إلى الحادة.
ويُعَد اختبار قائمة تقييم أعراض اضطراب التوحد اختبارًا بسيطًا، يُعنى بصفحة واحدة تغطي أربعة مجالات رئيسية – معروفة بالـ”نطاقات”- وهي: الكلام واللغة، والتفاعل الاجتماعي، والوعي الحسي والقدرة المعرفية، والصحة والسلوك الجسدي.
يشتمل كل نطاق على عدد من الأسئلة التي تساعد في بناء صورة نوعية لحالة الطفل. على سبيل المثال: هل يستطيع الطفل أن يقول ثلاث كلمات ذات دلالة في جملة، أو هل يمكنه إجراء محادثة معبِّرة مع أقرانه أو أفراد العائلة؟ وفي المقابل، لا تركز أدوات التشخيص المستخدمة عادة – مثل الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية – على المسائل الجسدية أو العامة، فضلًا عن أنها محدودة أكثر في المجالات المعنية بتقييمها.
استخدم الفريق اختبار قائمة تقييم أعراض اضطراب التوحد؛ بهدف تقييم 60 طفلًا تتراوح أعمارهم بين سنتين وثماني سنوات، كانوا قد شُخصت حالتهم بالتوحُّد بواسطة مختصين في مركز الأمير ناصر بن عبد العزيز للتوحُّد في المملكة العربية السعودية، مضيفة أن أداة التحريحددَّت بوضوح مجموعة من الأعراض بين الأطفال؛ إذ أبدى أكثر من نصفهم نشاطًا زائدًا، وعجز أكثر من %90 منهم عن إجراء محادثة دالة أو معبرة.
كما أسفر التحري عن مجموعة أعراض أخرى، حيث “تعلّق” أكثر من %60 من الأطفال بكلمات معينة، أو أبدوا ما يعرف بالسلوكيات المتكررة “النمطية”، مثل ضرب الرأس، ولوحظ تبول ما يقرب من %60 منهم في أثناء النوم.
وقالت إن النتيجة الأساسية للدراسة تمثلت في أن الاختلالات الوظيفية الصحية، والجسدية، والخاصة بالتواصل؛ كانت شائعة جدًّا بين الأطفال الذين شملتهم الدراسة، مما سيكون له تأثير كبير على نوعية حياة كل طفل مصاب بالتوحد؛ لأن الأطباء ومقدمي الرعاية الآخرين سيعرفون من أين يبدأون إدارتهم الطبية، والتعليم، وتحسين المهارات الاجتماعية،
وأعربت الشريان عن اعتقادها أيضًا بأن استخدام قائمة تقييم أعراض اضطراب التوحد سيساعد مراكز التوحد على تصنيف الطلاب إلى مجموعات، مما يتيح لها التركيز على النطاقات التي تضررت في كل مجموعة”. على سبيل المثال، قد يحتاج بعض الأطفال إلى مساعدة إضافية لفهم الإشارات الاجتماعية، في حين قد يحتاج البعض الآخر إلى مساعدة في الحركة والكلام.
ورأت في ختام حديثها أن معرفة النطاق الذي أصابه ضرر أكبر لدى الأطفال المصابين بالتوحد، سيمكن الباحثين من توظيف هذه المعرفة في تقييم الإدارة، والرعاية، ومآل حالة كل طفل على حدة، مؤكد أن ذلك ستكون له أهمية خاصة في المملكة العربية السعودية؛ حيث يتزايد انتشار التوحُّد، دون علاج على النحو الأمثل.