قد لا تكون التوائم المتماثلة متطابقة تماماً كما كنا نظن، واكتشف باحثون في آيسلندا اختلافات وراثية تبدأ في المراحل الأولى من التطور الجنيني.
ولطالما استخدم العلماء دراسة التوائم المتماثلة لفحص تأثيرات الطبيعة مقابل التنشئة، حيث كان الرأي السائد أنه نظراً لتقاسم التوائم الجينات ذاتها، فإن أي اختلافات جسدية أو سلوكية بين هؤلاء الأشقاء يجب أن تعود إلى التأثيرات الخارجية.
ومع ذلك، قد لا يكون هذا هو الحال، كما اقترح بحث جديد، نُشر يوم الخميس في مجلة “Nature Genetics”.
وتأتي التوائم المتطابقة من بويضة واحدة مخصبة، وتعرف باسم “الزيجوت”.
ولدى أي جنين، يمكن أن يؤدي الانقسام الخلوي إلى حدوث طفرات، ولكن هذا النوع من الاختلاف الجيني لم يسبق قياسه بين التوائم المتماثلة.
وعلى مدار دراسة استمرت أربع سنوات، وجد فريق من الباحثين الأيسلنديين في شركة” DeCode Genetics”، وهي شركة أدوية حيوية في عاصمة آيسلندا ريكيافيك، أن التوائم أحادية الزيجوت، أو المتماثلة، لديها اختلافات جينية تبدأ في المراحل الأولى من التطور الجنيني.
وقام العلماء في آيسلندا بسلسلة الحمض النووي من 387 زوجاً من التوائم المتماثلة وآبائهم وأزواجهم وأطفالهم لتتبع اختلاف الطفرات.
ووجد الباحثون، في المتوسط ، أن التوائم المتطابقة لديها 5.2 طفرة.
ولدى حوالي نسبة 15% من التوائم، حمل أحد الأشقاء عدداً كبيراً من هذه الطفرات التي لم تكن موجودة لدى التوأم الآخر.
والطفرة هي تغيير في تسلسل الحمض النووي يمكن أن تؤثر على السمات الجسدية، مثل لون الشعر.
وبينما أن معظم الطفرات غير ضارة، إلا أن بعضها قد يكون خطيراً ويمكن أن يؤدي إلى أمراض مثل السرطان.
وهذه ليست الدراسة الأولى التي تشير إلى وجود اختلافات بين التوائم المتطابقة المزعومة.
وكشفت ورقة بحثية نُشرت في المجلة الأمريكية لعلم الوراثة البشرية عام 2008 عن بعض الاختلافات الجينية بين الأشقاء. ومع ذلك، فإن البحث الجديد يتخطى ذلك من خلال تضمين الحمض النووي للعائلة الممتدة.
الاختلافات الجينية
وقال عالم الوراثة، كاري ستيفانسون، مؤلف مشارك في الدراسة لـ CNN، إن بعض الموضوعات البحثية كشفت عن اختلافات مذهلة.
وأوضح ستيفانسون، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “DeCode Genetics” أنهم وجدوا “زوجاً من التوائم المتماثلة حيث توجد طفرة في جميع الخلايا في جسم أحدهما، ولكن لم تكن موجودة في التوأم الآخر على الإطلاق.
ووجدوا أيضاً طفرة في جميع خلايا الجسم في توأم واحد، ولكن يوجد 20% منها فقط في خلايا التوأم الآخر، بحسب ما قاله ستيفانسون.
وقاد هذا البحث الفريق إلى استنتاج أن “دور العوامل الوراثية” في تشكيل الفروقات التي لوحظت بين التوائم أحادية الزيجوت “تم التقليل من شأنها”، وفقاً لما قاله ستيفانسون.
وعلى سبيل المثال، “تخيل أن لديك توأم متماثل بعيدين عن بعضهما البعض، إذا أصيب أحدهما بالتوحد، فإن التفسير الكلاسيكي هو أن ذلك يعود إلى العوامل البيئية، ولكن البحث يوضح أنه قبل أن تستنتج ذلك، يجب عليك أن تجري تسلسل الحمض النووي للشقيقين لمعرفة ما الذي يمكن أن يفسر التوحد”، بحسب ما شرحه ستيفانسون.
ولفت ستيفانسون إلى أن “الاختلاف الطفري” يمكن أن يفسر مجموعة من “أمراض الطفولة المدمرة” مثل الصرع الحاد، ومجموعة من الاضطرابات الأيضية، مضيفاً أنه لأمر مدهش كيف أن نسبة كبيرة من هذه المتلازمات المروعة في مراحل الطفولة المبكرة تعود إلى طفرات الجينوم.
ومن جانبها، وصفت نانسي سيغال، مؤلفة وأستاذة علم النفس التي تدرس التوائم في جامعة ولاية كاليفورنيا، البحث بأنه “جهد استثنائي، ومثير، ومهم لتحديد الآليات الخلوية المبكرة التي تفسر الاختلافات الجينية بين التوائم أحادية الزيجوت”.
وأضافت سيغال، التي لم تشارك في الدراسة، إن الدراسة الحالية توفر معلومات جديدة فيما يتعلق بمصدر اختلافات التوائم أحادية الزيجوت.
كما أثارت الدراسة، وفقاً لسيغال، أسئلة حول كيفية تطبيق النتائج، مثل ما إذا كان يجب التدخل قبل الولادة لتصحيح بعض الاضطرابات الجينية.