مجلة نبض – CNN:
رُغم التطوع، والتمرّن في النادي الرياضي لعدّة أيام كل أسبوع، والتواصل الاجتماعي بشكلٍ متكرّر مع الأصدقاء، وأفراد العائلة، وقراءة مختلف أنواع الكتب، وحل الكلمات المتقاطعة يوميًا، إلا أن كارول سيجلر البالغة من العمر 85 عامًا يبدو أنها تشعر بالرتابة.
وقالت سيجلر، التي تعيش في ضاحية بالاتين بمدينة شيكاغو الأمريكية: “أنا أشعر بالملل”، وأضافت: “أشعر وكأنني (سيارة) كورفيت تُستخدم كعربة تسوّق”.
وتُعتبر سيجلر من بين “المسنين الخارقين” (SuperAger) من الناحية المعرفية، إذ تتمتّع بدماغٍ قوي مثل الأشخاص الأصغر بمقدار 20 إلى 30 سنة.
وهي جزء من مجموعة النخبة المسجلة في برنامج “Northwestern SuperAging Research Program”، والذي يدرس كبار السن الذين يتمتعون بذاكرة رائعة على مدى 14 عامًا.
والبرنامج جزء من مركز “ميسولام” لطب الأعصاب المعرفي، ومرض الزهايمر في كلية “فينبرغ” للطب بجامعة “نورث وسترن”.
المسنون الخارقون.. من هم؟
وحتى يُصبح شخصًا ما من المسنين الخارقين، وهو مصطلح صاغه باحثو جامعة “نورث وسترن”، فإن عمر الفرد يجب أن يتجاوز الـ80 عامًا، ويخضع لاختبارات معرفية مكثفة.
ويتم قبول الشخص في الدراسة فقط إذا كانت ذاكرته بمستوى الأشخاص الطبيعيين في الخمسينيات والستينيات من عمرهم من الناحية المعرفية، أو أفضل.
وقالت عالمة الأعصاب المعرفية، وأستاذة الطب النفسي، والعلوم السلوكية في كلية “فينبرغ” للطب، إميلي روجالسكي: “يجب أن يكون لدى المسنين الخارقين ذاكرة عرضية متميزة، أي القدرة على تذكر الأحداث اليومية، والتجارب الشخصية السابقة. ولكن يحتاج المسنون الخارقون للتمتع فقط بأداء متوسط على الأقل في الاختبارات المعرفية الأخرى”.
وأوضحت روجالسكي: “من المهم الإشارة إلى أنه عندما نقارن المسنين الخارقين بالأشخاص من ذوي الأعمار المتوسطة، فهم يتمتعون بمستويات مماثلة من الذكاء، وبالتالي فإن الاختلافات التي نراها ليست نتيجة الذكاء فقط”.
وبمجرد قبولهم، يخضع أولئك الأفراد لفحوصات ثلاثية الأبعاد للدماغ، وتتكرّر الاختبارات المعرفية، ومسوحات الدماغ كل عام تقريبًا.
وأسفر تحليل البيانات على مرّ الأعوام عن نتائج رائعة.
خلايا عصبية أكبر
وتتقلص أدمغة غالبية الأشخاص مع تقدمهم في العمر.
ولكن عندما يأتي الأمر للمسنين الخارقين، أظهرت الدراسات أن القشرة، أي الجزء المسؤول عن التفكير، واتخاذ القرارات، والذاكرة، تظل أكثر سماكة، وتتقلص بشكلٍ أبطأ بالمقارنة مع الأشخاص في الخمسينيات والستينيات من عمرهم.
وتتمتع أدمغة المسنين الخارقين، التي يتم التبرع بها عادةً لبرنامج البحث من قبل المشاركين بعد الوفاة، بخلايا أكبر وأكثر صحة في القشرة المخية الأنفية الداخلية. وهي “واحدة من أولى مناطق الدماغ التي تتأثر بمرض الزهايمر”، بحسب ما ذكرته الأستاذة المساعدة في الطب النفسي، والعلوم السلوكية في “نورث وسترن”، تامار جيفين، عبر البريد الإلكتروني.
وقالت جيفين، وهي المؤلفة الرئيسية لدراسة أُجريت في نوفمبر/تشرين الثاني إن مقارنة أدمغة المسنين الخارقين المتوفين بأدمغة طبيعية من الناحية المعرفية لأفراد أكبر سنًا، وأصغر سنًا، وأشخاص تم تشخيصهم بمرض الزهايمر المبكر، مهمًا.
ووجدت الدراسة أيضًا أن أدمغة المسنين الخارقين تمتعت بعدد أقل بـ3 مرات من تشابك “تاو”، أو تكوينات غير طبيعية من البروتين داخل الخلايا العصبية، بالمقارنة بأدمغة ذات عناصر معرفية صحية.
ويُعتبر تشابك “تاو” علامة مميزة لمرض الزهايمر، وأنواع أخرى من الخرف.
وقالت جيفين: “نعتقد أن الخلايا العصبية الأكبر حجمًا في القشرة المخية الأنفية الداخلية تشير إلى أنها سليمة من الناحية الهيكلية بشكلٍ أكبر، وربما يمكنها تحمل تشكيل تشابك تاو الليفي العصبي”.
ووجدت جيفين أيضًا أن لدى أدمغة المسنين الخارقين عدد أكبر من خلايا “فون إيكونومو”، وهو نوع نادر من خلايا الدماغ، وتم العثور عليها حتّى الآن لدى البشر، والقردة العليا، والفيلة، والحيتان، والدلافين، والطيور المغردة.
ويُعتقد أن خلايا “فون إيكونومو” تسمح بالاتصال السريع عبر الدماغ، وتنص نظرية أخرى أن تلك الخلايا العصبية تمنح البشر والقردة العليا ميزة بديهية في المواقف الاجتماعية.
هل للبيئة أي دور؟
ويتمتع المسنون الخارقون بسمات متشابهة، وفقًا لما ذكرته روجالسكي، وهي أيضًا المديرة المشاركة لمركز “ميسولام” لطب الأعصاب المعرفي، ومرض الزهايمر في “فينبرغ”.