مجلة نبض – CNN:
توصلت نتائج استطلاع جديد إلى أنّ 40٪ من الأهل الأمريكيين قلقون “للغاية” أو “جدًا” من أن يعاني أطفالهم من القلق أو الاكتئاب في مرحلة ما من حياتهم.
وأفاد تقرير مركز بيو للأبحاث أن الصحة العقلية كانت مصدر القلق الأكبر للأهل، يليها التنمر الذي يقلق 35٪ منهم. هذه المخاوف فاقت تلك المتصلة بالاختطاف، ومخاطر المخدرات، والكحول، وحمل المراهقات، والوقوع بمشاكل مع الشرطة.
كما تباينت المخاوف بحسب العرق، والإثنية، ومستوى الدخل، حيث قال قرابة 4 من كل 10 أهل لاتينيين ومنخفضي الدخل، و3 من كل 10 أهل سود البشرة إنهم قلقون للغاية، أو قلقون جدًا من احتمال إطلاق النار على أطفالهم، مقارنة مع حوالي 1 من كل 10 من ذوي الدخل المرتفع، أو الأهل ذات البشرة البيضاء.
وقال قرابة ثلثي المستطلَعين إن الأمومة والأبوة أصعب إلى حد ما ممّا كانوا يتوقعون، وأشار حوالي 41٪ إلى أنّ لعب دور الأهل أمر متعب، و29٪ إن الأخير أمر مرهق طوال الوقت، أو معظمه.
ووصل التقرير إلى خلاصاته، من عينة تمثيلية على الصعيد الوطني شملت 3757 من الأهل الأمريكيين الذين تقل أعمار أطفالهم عن 18 عامًا، عام 2022.
أزمة الصحة النفسية بين الشباب
وبحسب الخبراء إنّ مشاكل الصحة العقلية بين الأطفال والمراهقين قد ارتفعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
وقالت الدكتورة كاثرين ويليامسون، طبيبة الأطفال، والمتحدثة باسم الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال: “أود القول إنه خلال السنوات العشر الماضية، منذ أن كنت أمارس مهنة طب الأطفال العام، رأيت تحولًا في عدد المرضى الذين يعانون من القلق والاكتئاب في مختلف الشرائح العمرية”. وتابعت أنّ “قلق والديهم بشأن هذا الأمر قضية رئيسية”. ولفتت إلى أنه “حتى قبل الجائحة، كنا نشهد ارتفاعًا هائلاً بعدد الأطفال والمراهقين الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية، وقد زاد هذا بشكل كبير منذ الجائحة”.
وبحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، أصبح الانتحار ثاني سبب رئيسي للوفاة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عامًا خلال جائحة “كوفيد-19”. كما زاد عدد الزيارات المتصلة بالصحة العقلية المسجلة إلى غرفة الطوارئ بين المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11، وبين 12 و17 عامًا، تباعًا بنسبة 24٪ و31٪.
يشعر العديد من الأهل بالعجز عندما يعاني أطفالهم من مشاكل في الصحة العقلية لأنهم لا يشعرون بأنهم مستعدون لتقديم الدعم في هذا المجال.
وقال آلن سابي، معالج الأسرة لدى معهد العائلة (Family Institute) في جامعة نورث وسترن، إنهم “لا يملكون القدرة على التخفيف من مشاكل الصحة العقلية، ومعالجة ذلك إذا كان أطفالهم يعانون في تحصيلهم العلمي أو من مشاكل أخرى تقليدية يصادفها للأطفال”.
عندما يتعلق الأمر بالقلق والاكتئاب لدى الأطفال، يقول أطباء الأطفال، يمكن للوالدين مراقبة علامات مثل تراجع الاهتمام أو المتعة بالقيام بالأمور التي كانوا يستمتعون بها سابقًا، وتدني احترام الذات، وتقلبات المزاج، أو الشهية، أو النوم.
وأشار الخبراء أيضًا إلى أنه يجب على الأهل مراقبة الكم والمحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بأطفالهم، حيث وجدت الأبحاث أنه قد يكون لها انعكاسات سلبية على صحتهم العقلية.
لكنهم لفتوا إلى أنّ وجود المزيد من الأهل الذين يدركون أهمية الصحة العقلية عند الأطفال، تعد خطوة في الاتجاه الصحيح.
بالنسبة للدكتورة ماغي سميل، طبيبة الأطفال في مستشفى ستانفورد ميديسين لصحة الأطفال، “لطالما شعرت أن ثمة مقاومة شديدة لطلب رعاية الصحة العقلية بين السكان الذين أخدمهم. وأنا سعيدة حقًا أنه منذ جائحة كوفيد، على الأقل، يدرك الناس الآن هذا الأمر على أنه حاجة صحية رئيسية ومهمة للغاية”.
وتأمل سميل بأن “يتمكن كل من يتفاعلون مع الأطفال أن يكونوا على دراية بهذه المشاكل، ويشعرون بالقدرة على تحديد هؤلاء الأطفال والدفاع عنهم، ونصحهم بالتوجه إلى مقدم الرعاية الأولية الخاص بهم، وإجراء تقييم كما تفعل إذا كان طفلك لديه سعال، أو حرارة، أو التهاب في الأذن”.
معالجة الإرهاق الأبوي
وأعرب معظم الأهل في الاستطلاع، عن أنّ الأبوّة والأمومة أصعب مما توقّعوا، وأنهم يشعرون بأنه يحكم عليهم من مصادر مختلفة.
في هذا الصدد أوضحت سميل أن “نتائج هذا التقرير، كطبيبة أطفال وأولياء الأمور، أتت متماثلة مع توقعاتها. إن الأبوة والأمومة أصعب مهمة نقوم بها على الإطلاق، وثمة مستويات عالية جدًا من التوتر والإرهاق، لا سيّما لدى الأهل الذي أطفالهم ما برحوا صغارًا”.
وبرأي الخبراء إن من أفضل الأمور التي يمكن للأهل القيام بها، الاعتماد على أصحابهم من الأهل.
يؤكد أطباء الأطفال أنه لا يوجد والد مثالي وأن أهم شيء يمكنك القيام به هو أن تكون موجودًا من أجل طفلك.
“نحن نعلم أن أفضل فرصة لنجاح الطفل وسعادته أن يكون لديه شخص واحد على الأقل في حياته يؤمن به ويدافع عنه، بحسب ويليامسون: “لذلك أعتقد أنه من المهم للأهل إدراك ألا وجود لوالد مثالي، لأننا جميعًا بشر، والبشر غير كاملين بطبيعتهم، لكن هذا أمر جيد”.
وقالت إن وظيفة الوالدين هي “التأكد حقًا من أنهم يعرفون مدى أهميتهم، وأن لهم صوتًا في هذا العالم”. وخلصت إلى أن “كل طفل سيخوض صراعاته الفريدة، سواء أكان ذلك أكاديميًا، أم عاطفيًا، أم جسديًا. مهمتنا هي مساعدتهم على تخطي ما يعانون منه، ولكن أكثر من ذلك، مساعدتهم على التعرف إلى نقاط قوتهم”.