د.فادي:تعريب الطب ليست بالمهمة المستحيلة.. ونموذج حي لترجمه العلوم الطبية ومصطلحاتها
مجلة نبض(نهلا حامد): في هذا اللقاء تتحاور نبض مع نموذجا حيًا للتعريب مستلهمين من خبرته و مؤلفاته ومنشوراته في ميادين الطب، فتلتقي د. فادي رضوان المشرف على مجمع الترجمه للعلوم الطبية ومصطلحاتها، ومؤسس صفحتها على الفيس بوك.
د. فادي.. نود أن تخبرنا عن بداية الفكرة في انشاء المجموعه وماهي أهدافها؟
بدأت الفكرة عندي خلال عملي في ميدان الترجمة الطبية، وترجمة مجموعة من أهم المراجع للأطباء وطلبة الطب. كانت ملاحظتي الأولى مدى خلو هذا المجال، رغم أهميته البالغة، من العدد الكافي من المراجع التي تعين الطبيب، وتطفئ نهم القارئ العادي والمثقف للاستفاضة في رحاب العلوم الصحية بكافة جوانبها، سواء الطبية أو الصيدلانية أوطب الأسنان. وزادت الفكرة إلحاحاً عندما لاحظت خلال تصفحي مواقع الشبكة مدى حاجة الإنسان العربي لمعرفة مصطلحات قد تكون بسيطة جداً، لكنها باتت جزءاً من حياته الحديثة، من مثل خزعة أو قسطرة أو رنين مغناطيسي…
وهكذا يمكنني أن ألخص أهداف مجمع الترجمة الطبية بالنقاط التالية:
* تدريب المترجم الطبي على مهارات الترجمة الطبية في كافة مناحيها وتزويده ببنية تساعده على اختيار المصطلح المناسب والموحد.
* مخاطبة السادة الأطباء بأن تعريب الطب ليست بالمهمة المستحيلة، بل هدف ممكن الوصول له وتحقيقه.
* كسر الفكرة المسبقة عند بعض الأطباء والتي تقول أن المصطلحات الإنجليزية أسهل من العربية.
* نشر الوعي الصحي بين عموم الناس، بوضع المعلومات الطبية الموثقة والحديثة.
* الهدف البعيد والجوهري هو الوصول لغايتنا الأساس: تعريب العلوم الطبية في جامعاتنا ومؤسساتنا البحثية.
مامدى أهمية تعريب العلوم الطبية من وجهة نظركم؟
أرى أن مهمة العلوم الطبية تحدي يومي وتحدي حضاري. تحدي يومي يواجه الطبيب في لب عمله الطبي وهو علاقته الشخصية مع المريض. فالطبيب ليس عالم منعزل في مختبره ولا هو مهندس بترول ينزوي على آلاته، بل أن أساس عمله يقوم على التواصل المباشر مع المريض وما يترتب على ذلك من وجوب امتلاك أداة التواصل الأساسية وهي اللغة. بغياب تلك الأداة سوف يفقد الطبيب الكثير من قدرته على إيصال المعلومات الضرورية للمريض وزرع ما يلزم في ذهن المريض من طمأنينة وثقة وتلقي المعلومات الضرورية منه.
وهو تحدي حضاري يواجه الطبيب العربي وشعبنا العربي عموماً. ففي الوقت الذي تتصدى فيه الأمم لمهمة نشر العلوم بلسان شعبها والتأكيد على هويتها الحضارية المتميزة بين شعوب الأرض، بل أن الكثير منها أنهى تلك المهمة، لا تزال الشكوك ترتابنا بأهمية هذا الواجب وبتنا متأخرين بمراحل كثيرة عن شعوب كانت متأخرة عنا.
بل وأعتقد أن تعريب الطب سوف يصبح قريباً واجباً قانونياً أمام الطبيب مع تسارع وتيرة حقوق الإنسان في عالمنا العربي، وأن إيصال المعلومة الكاملة للمريض سيغدو فرضاً قانونياً على كل طبيب.
هل لديكم مراجع تعتمدونها في التعريب؟
هناك بالطبع المرجع الأساس وهو المعجم الطبي الموحد الصادر عن اتحاد الأطباء العرب والمعتمد من منظمة الصحة الدولية، وقد قام الاتحاد مشكوراً بالكثير من المراجعات والتحديثات عليه. إضافة للكثير من القواميس الإنكليزية العربية الشائعة الأخرى، والقواميس الإنكليزية الإنكليزية المشهورة. طبعا بالإضافة للاستعانة بالقواميس العربية الشهيرة من مثل القاموس المحيط ولسان العرب وهلم جر.
كيف ترون تجاوب الأطباء والمختصين معكم؟
لا شك أن التجاوب رائع، حتى لو أخذنا بالاعتبار العمر الصغير نسبياً لمجمع الترجمة الطبية (انطلق في 27 أكتوبر 2011). فنسبة عاملي المهن الصحية من أطباء وأطباء أسنان وصيادلة ومساعديهم، بالإضافة لطلاب تلك الكليات، نسبة هامة جداً من رواد المجمع، وكان تفاعل الكثير من الأطباء رائعاً من ناحية تقديم فقرات مترجمة أو مراجعة فقرات أخرى، ولا أنسى تعليقاتهم وانطباعاتهم العبقة والمليئة بالثقة بما تم تحقيقه وآمالهم لنا بمواصلة المسيرة. وكلي ثقة أنّنا استطعنا جذب الأطباء لتجربتنا وأن نظهر لهم ميزات ما نقوم به، وهذا ما سيعزز المزيد من الإقبال على صفحتنا.
هل هناك أي خطة لتدوين كل ماتم تعريبه في كتاب ليكون مرجعا؟
بالطبع هناك خطة من هذا النوع، وهي بانتظار نضج الظروف والمادة الموجودة. تقدم لي عدد من الأطباء الأعزاء بعروض لتدوين المادة الموجودة ضمن موقع مستقل، ولا زالت الدراسة جارية.
ماذا عن خططكم المستقبلية؟
هناك خطط قريبة وخطط بعيدة، ولا بد من الإشارة أن تحقيق الخطط والأهداف، لا سيما الكبيرة منها، يحتاج لتضافر جهود جهات ومؤسسات، ورعاية الخطط من جهات حكومية تهدف للفائدة العامة، أو مؤسسات خاصة تهتم بالعمل الأهلي ويمكن أن تستفيد من ميزات إعلانية معينة، ونحن نسعى للتواصل مع كل مهتم بهذه الغاية.
الهدف القريب تماما والذي نعمل عليه هو إنشاء موقع مستقل باسم مجمع الترجمة الطبية، يكون فيه كادر متفرغ لملاحقة أهداف المجمع وترجمة كل ما هو حديث ومفيد في عالم الصحة.
أما الأهداف البعيدة فهي إنشاء دار نشر تابعة لمجمع الترجمة الطبية، لها دورية تختص بنشر ما يبدعه المتميزون في المجمع وإصدار كتب تكون رافداً هاماً لحركة تعريب الطب.
ختاماً.. أتقدم بوافر شكري لمجلة نبض الغراء التي جادت علينا بفرصة لنشر أهدافنا في نشر مفهوم تعريب الطب وأهميته، وأتقدم بشكري للعاملين في ميادين الصحافة الطبية والصحية عموماً، أولئك العيون الساهرة على رفع السوية الصحية لمجتمعاتنا الفتية.
تعليق واحد